الخطبه بعنوان التحذير من ََ مخالفة أحكام الميراث
صفحة 2 من اصل 1
الخطبه بعنوان التحذير من ََ مخالفة أحكام الميراث
التحذير من مخالفة أحكام الميراث .. الخطبة الأولى ..................... 1441
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد : عباد الله فاتقوا الله تعالى ، وراقبوه في الغيب والشهادة والسر والعلانية ، مراقبة من يعلم أن ربَّه يسمعه ويراه ....... عباد الله : إن من الامور الهامة التي يشتكي منها كثير من المسلمين والمسلمات ونشاهدها في كثير من الاسر والعائلات ، قضية حرمان النساء من الميراث ، فكم من امرأة حرمت من ميراثها ، وكم من يتامى أكلت حقوقهم ، وكم من ضعفاء لم يجدوا لهم ناصرا ، ومما يزيد من الألم ويفجع الفؤاد أن يكون الظلم من الآباء للبنات ومن الإخوة للأخوات ، فتجد المرأة أو الفتاة المحرومة واقعة بين نارين نار عداوة إخوانها إن هي طالبت بميراثها ، ونار فقدها لمالها الذي استحقته بالميراث، فأصبحت تقاسي الظلم والحسرة ولا حيلة لها إلا بالدعاء لله تعالى .؛ والميراث عباد الله فريضة شرعية وحد من حدود الله فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ووصية إلهية وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ حدده الله تعالى في كتابه الكريم ولم يدع مجال في توزيع أنصبة الميراث لا للمجاملة ولا للوساطة ولا للرأي ولا للهوى، تولى سبحانه القسمة بنفسه تأكيدا لعظمة هذا الامر ومنعا للنفوس الضعيفة المفتونة بالمال أن تتلاعب بمال الورثة ، فجاءت أحكام الميراث دقيقة موزعة بحكمة بالغة وعدل رب العالمين . فصًلَ سبحانه أحكام المواريث فبين لكل ذي حق حقه ، فحدد نصيب الذكور ونصيب الإناث حدد نصيب الأم والبنت والأخت والزوجة حدد نصيب الجدة والأخوات لأم وبنات الأخ وغيرهن من النساء الوارثات بأنصبة محددة لا تزيد ولا تنقص وجعله مُلْكٌ لهن وحق شرعي لا ينازعهن فيه أحد، قال تعالى لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضا مع هذا كله ومع وضوحه ودقته ومع أن الله تعالى هو الذي فصله وحدده وقسمه بنفسه ، إلا أن هناك كثير من الناس يعصون الله تعالى ويتحدونه بمخالفة أمره ، فيأكلون ميراث النساء ولا يعطوهن حقوقهن . هناك بعض الناس وللأسف الشديد إذا كان له أخوات أو بنات ولهن حق في الميراث فإنه يعمل جاهدا على إسقاط حقوقهن وأكل أموالهن بالباطل ، مخالف بذلك شرع الله تعالى ومتبع عادات وتقاليد متوارثة تُحْرَم فيها المرأة من حقها في الميراث وفي أحسن الأحوال تحصل على هبة غير مقدرة ؛ وهذا عباد الله تمرد على أحكام رب العالمين ومخالفة أمر من أوامره تقع به الفتنة ويقع به العذاب الأليم لمن لم يرضى بقضاء الله وحُكمه كما قال تعالى فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ثم إن الميراث حد من حدود الله وقد توعد الله تعالى في كتابه الكريم من لا يلتزم بقسمة الميراث كما بينها بالنار والعذاب الأليم فبعدما بين سبحانه قسمة الميراث قال تعالى وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ. تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآيات: هذه الفرائض والمقادير التي جعلها الله للورثة ، هي حدود الله فلا تعتدوها ولا تجاوزوها ؛ ولهذا قال تعالى وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي فيها : فلم يزد ولم ينقص بل نفذ حكم الله وفريضته وقسمته يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ أي: يدخله الله نارًا ماكثًا فيها أبدا ، وله عذاب أليم يخزيه ويهينه ، لكونه أنكر حكم الله وتجاوز شرعه بتغييره أو تعطيل العمل به ولم يرضى بقسمة الله تعالى وحكمه . ثم إن أكل الميراث أكل لأموال الناس بالباطل وقد نهانا الله تعالى عنه وحرَّمه علينا ؛ حيث قال تعالى وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِوأخبرنا النبي أنَّ مَن أكل الحرام حُرِمَ به من الجنة ، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أنَّ رسول الله قال: لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ أي: من حرام أخرجه الترمذي وغيره، وقاللَا يَأْخُذُ أَحَدٌ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أخرجه مسلم عن أبي هريرة ويقولفيما رواه مسلم مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ، فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الله الذي يأمر بالعدل أعطى لكل ذي حق حقه رجلاً كان أم امرأة وأنه من الواجب علينا إن كنا نؤمن بالله أن نعطي الحقوق لأهلها ؛ وليعلم كل من ظلم أنثي وحرمها حقها في الميراث أنه ربما قد يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج فيجعلها الله هباء منثورًا بسبب ظلمه وطغيانه ، فالله عز وجل يقول وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَـٰنًا وَإِثْمًا مُّبِينًا فاتقوا الله عباد الله في النساء اتقوا الله في بناتكم اتقوا الله في أخواتكم واعلموا جميعًا أنها أموالهم وأنها حق لهن من عند الله تعالى والله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، ومن لم يفعل وأكل ميراثً هو مسئول عنه فليعلم أنه أكل نار تتأجج في جوفه ، نارا محرقة متوقدة أدخلها في بطنه قال الله تعالى إن الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا وهذا أعظم وعيد ورد في الذنوب لأن أكل الميراث ظلم لا شك فيه والظلم محرَّم وربنا توعد الظالمين في كتابه بالعاقبة الوخيمة حيث قال تعالى فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ وتوعدهم بالعذاب الدائم المقيم فقال تعالى أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ قال ابن كثير أي: عذاب دائم سرمدي أبدي ، لا خروج لهم منه ، ولا محيد لهم عنه لأنهم بأكلهم للحرام اكتسبوا هذا العذاب وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ، فتفكر وتدبر يا عبد الله ، تدبر واعتبر بمن كان قبلك ، وسل نفسك كم عمروا في هذه الدنيا وأين هم الآن ؟ تفكر وتدبر واسأل نفسك بماذا سينفعك الولد الذي فضلته على أخته إذا تواريت التراب؟ وهل سيحمل معك وزر هذا الذنب العظيم وماذا ستقول لربك عندما يسألك عن وصيته التي خالفتها وضيعتها وصيته التي في قوله تعالى يُوصِيكُم ُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن ثم أنت أيه الأخ الذي رضي بهذا الذنب واكل حق أخته ، بماذا ستنفعك تلك الأرضي والعقارات عندما تموت وتتركها وأختك وأولادها قلوبهم تملأها الحسرة والألم على حقهم الذي اغتصبته منهم وأعطيته لأولادك وماذا ستقول لهم عندما يقاضونك أمام الله تعالى وماذا ستقول لرب العالمين إذا سألك لماذا حرمتهم من حقهم ؟ ثم عباد الله من منا سيخلد في هذه الدنيا أين أبائنا أين أجدادنا ، من منا يأمن عذاب الله ولماذا ننسى ذلك اليوم العظيم يوم يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمّهِ وَأَبِيهِ ، وَصَاحِبَتِهُ وَبَنِيهِ لِكُلّ ٱمْرِئ مّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ لماذا ننسى ذلك اليوم العظيم يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنه لن ينفعكم يوم القيامة لا مالا ولا ولد ولا الناس أجمعين، وعلى كل من تحايل على الميراث وظلم بناته أو أخواته أو غيرهن من النساء ممن لهن حق عنده أن يبادر بالتوبة ورد الحقوق إلى أهلها ما دام الأمر بيده وهو في هذه الدار قبل فوات الأوان ؛ بادر يا أخي برد الحقوق إلى أصحابها وأعطِ كل ذي حق حقه وخذ السماح والعفو ممن ظلمت في هذه الدنيا ؛ فهو خير لك من أن يأخذوا منك حسناتك يوم تكون أحوج ما تكون إليها وبارك الله لي ولكم في القرءان ............ الخطبة الثانية .........................................................................................................................................................
الحمدُ لله يُوفِّقُ من شاء إلى مرضاته, ويُضلُّ من شاء عن رحماتِهِ أحمدُه وأشكره وأعبده وأتوكَّلُ عليه, لا إله إلا هو, يأمر بالعدل ويحكُمُ بالقسط, فالحق فيما أمر, والباطلُ فيما نهى. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه, والمُحذِّرُ من نيرانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل فاتقوا الله ربكم وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ واعلموا عباد الله أنَّ خيرَ ما يشتَغِل به الإنسانُ في حياتِه هو التفقهُ في دينِه والتبصُّر في تعاليم إسلامه ، يقول رسولُ الله(مَن يُردِ الله بِه خيرًا يفقِّهُّ في الدين) متفق عليه . عباد الله هناك مسألة يجهلها بعض المسلمين ، فيقع فيها من غيرِ أن يدركَ حكمَها أو أن يستبصر عاقبَتَها ، وهذه المسألة عادة ما تقع في حياة الإنسان قبل موته إنها التفضيلُ بين الأولادِ في العطيَّة على وجهِ المحاباة والتَّميِيز والمشروعَ للعَبدِ أن يسوِّيَ بين أولادِه في رعايته وعطيَّتِه وسائر شؤونِه وفقَ وصية الله لعباده ؛ فلا يجوز للأبِ أن يفضِّلَ أو يميِّز بعضَ أولاده على بعضٍ في العطيّة والهدية والميراث ، رَوَى النعمانُ بن بشير رضي الله عنه قال : تصدَّق عليَّ أبي بصدقةٍ من بعض مالِه فقالت أمِّي : لا أرضَى حتى تُشهِدَ رسولَ اللهِ فانطَلَق أبي إلى رسولِ الله ليُشهِدَه على صَدَقَتي فقال رسولُ الله أكُلَّهم نحلتَه كذلك) قال: لاَ قال رسول اللهاتَّقوا الله واعدِلوا بين أولادِكم) فرجع أبي فردَّ تلك الصدقة . رواه مسلم . قال الفقهاء: وهذا دليل على تحريمِ تفضيل وتميز بعض الأبناء على بعض . والراجِحُ من من أقوالِ أهلِ العلم في عطيَّةِ الأولاد القسمَةُ بينهم على قدرِ ميراثِهم ؛ للذكرِ مِثلُ حظِّ الأنثَيَين ." وأما تخصيصُ بعضِ الأولاد لحَاجَةٍ أو نَفَقَة للولد أو مَرضٍ أصابَه أو كَثرةِ عيالٍ عنده أو لاشتغالِه بعلمٍ ونحوه فإنه لا بأس حينئذٍ على قدر الحاجة ؛ لعدمِ قصد التخصيصِ والأَثَرة، ولا يلزمُ الأَب حينئذٍ أن يسوِّيَ في ذلك ، بل يعطي كلاًّ على حسبِ حاجته ، بدون أن يقصد التفضيلَ أو الأَثَرَةَ له على غيره ، والأعمالُ بالنّيّاتِ ومَن وقَع في تفضيلِ بَعضِ أولادِهِ على بعضٍ في العطيَّة فالواجبُ المتحتِّم عليهِ العَدلُ بينهم ؛ إمّا بالرجوعٍ في عطيَّتِه ، أو بإِعطاءِ بقيَّة الأولادِ بِالمثل على قاعِدَة : (للذكَر مثلُ حظِّ الأنثيين) . فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن دنياكم ظلٌّ زائل وعَرَض حائل ولو كانت تساوي عند الله جناحَ بعوضةٍ ما سقى كافرا منها شربة ماء ، فلا تتعلَّقوا بها حتى لا يعظم في قلوبكم أمرها ، وتفسد عليكم آخرتكم واعلَمُوا أن الكَيِّسَ الفطن من عبادِ الله من دانَ نفسه وحاسبها وعَملَ لما بعد الموت ، والعَاجزُ من أَتبعَ نفسَه هَواهَا وتَمنىَ على اللهِ الأمانِيْ . واعلَموا أيضا أن أصدق الحديث كلامُ الله وخيرَ الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشرَ الأمور محدثاتها ، وكلَّ محدثةٍ بدعة ، وكلَّ بدعةٍ ضلالة ، وكلَّ ضلالة في النار
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد : عباد الله فاتقوا الله تعالى ، وراقبوه في الغيب والشهادة والسر والعلانية ، مراقبة من يعلم أن ربَّه يسمعه ويراه ....... عباد الله : إن من الامور الهامة التي يشتكي منها كثير من المسلمين والمسلمات ونشاهدها في كثير من الاسر والعائلات ، قضية حرمان النساء من الميراث ، فكم من امرأة حرمت من ميراثها ، وكم من يتامى أكلت حقوقهم ، وكم من ضعفاء لم يجدوا لهم ناصرا ، ومما يزيد من الألم ويفجع الفؤاد أن يكون الظلم من الآباء للبنات ومن الإخوة للأخوات ، فتجد المرأة أو الفتاة المحرومة واقعة بين نارين نار عداوة إخوانها إن هي طالبت بميراثها ، ونار فقدها لمالها الذي استحقته بالميراث، فأصبحت تقاسي الظلم والحسرة ولا حيلة لها إلا بالدعاء لله تعالى .؛ والميراث عباد الله فريضة شرعية وحد من حدود الله فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ووصية إلهية وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ حدده الله تعالى في كتابه الكريم ولم يدع مجال في توزيع أنصبة الميراث لا للمجاملة ولا للوساطة ولا للرأي ولا للهوى، تولى سبحانه القسمة بنفسه تأكيدا لعظمة هذا الامر ومنعا للنفوس الضعيفة المفتونة بالمال أن تتلاعب بمال الورثة ، فجاءت أحكام الميراث دقيقة موزعة بحكمة بالغة وعدل رب العالمين . فصًلَ سبحانه أحكام المواريث فبين لكل ذي حق حقه ، فحدد نصيب الذكور ونصيب الإناث حدد نصيب الأم والبنت والأخت والزوجة حدد نصيب الجدة والأخوات لأم وبنات الأخ وغيرهن من النساء الوارثات بأنصبة محددة لا تزيد ولا تنقص وجعله مُلْكٌ لهن وحق شرعي لا ينازعهن فيه أحد، قال تعالى لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضا مع هذا كله ومع وضوحه ودقته ومع أن الله تعالى هو الذي فصله وحدده وقسمه بنفسه ، إلا أن هناك كثير من الناس يعصون الله تعالى ويتحدونه بمخالفة أمره ، فيأكلون ميراث النساء ولا يعطوهن حقوقهن . هناك بعض الناس وللأسف الشديد إذا كان له أخوات أو بنات ولهن حق في الميراث فإنه يعمل جاهدا على إسقاط حقوقهن وأكل أموالهن بالباطل ، مخالف بذلك شرع الله تعالى ومتبع عادات وتقاليد متوارثة تُحْرَم فيها المرأة من حقها في الميراث وفي أحسن الأحوال تحصل على هبة غير مقدرة ؛ وهذا عباد الله تمرد على أحكام رب العالمين ومخالفة أمر من أوامره تقع به الفتنة ويقع به العذاب الأليم لمن لم يرضى بقضاء الله وحُكمه كما قال تعالى فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ثم إن الميراث حد من حدود الله وقد توعد الله تعالى في كتابه الكريم من لا يلتزم بقسمة الميراث كما بينها بالنار والعذاب الأليم فبعدما بين سبحانه قسمة الميراث قال تعالى وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ. تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآيات: هذه الفرائض والمقادير التي جعلها الله للورثة ، هي حدود الله فلا تعتدوها ولا تجاوزوها ؛ ولهذا قال تعالى وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي فيها : فلم يزد ولم ينقص بل نفذ حكم الله وفريضته وقسمته يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ أي: يدخله الله نارًا ماكثًا فيها أبدا ، وله عذاب أليم يخزيه ويهينه ، لكونه أنكر حكم الله وتجاوز شرعه بتغييره أو تعطيل العمل به ولم يرضى بقسمة الله تعالى وحكمه . ثم إن أكل الميراث أكل لأموال الناس بالباطل وقد نهانا الله تعالى عنه وحرَّمه علينا ؛ حيث قال تعالى وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِوأخبرنا النبي أنَّ مَن أكل الحرام حُرِمَ به من الجنة ، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أنَّ رسول الله قال: لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ أي: من حرام أخرجه الترمذي وغيره، وقاللَا يَأْخُذُ أَحَدٌ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أخرجه مسلم عن أبي هريرة ويقولفيما رواه مسلم مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ، فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الله الذي يأمر بالعدل أعطى لكل ذي حق حقه رجلاً كان أم امرأة وأنه من الواجب علينا إن كنا نؤمن بالله أن نعطي الحقوق لأهلها ؛ وليعلم كل من ظلم أنثي وحرمها حقها في الميراث أنه ربما قد يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج فيجعلها الله هباء منثورًا بسبب ظلمه وطغيانه ، فالله عز وجل يقول وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَـٰنًا وَإِثْمًا مُّبِينًا فاتقوا الله عباد الله في النساء اتقوا الله في بناتكم اتقوا الله في أخواتكم واعلموا جميعًا أنها أموالهم وأنها حق لهن من عند الله تعالى والله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، ومن لم يفعل وأكل ميراثً هو مسئول عنه فليعلم أنه أكل نار تتأجج في جوفه ، نارا محرقة متوقدة أدخلها في بطنه قال الله تعالى إن الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا وهذا أعظم وعيد ورد في الذنوب لأن أكل الميراث ظلم لا شك فيه والظلم محرَّم وربنا توعد الظالمين في كتابه بالعاقبة الوخيمة حيث قال تعالى فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ وتوعدهم بالعذاب الدائم المقيم فقال تعالى أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ قال ابن كثير أي: عذاب دائم سرمدي أبدي ، لا خروج لهم منه ، ولا محيد لهم عنه لأنهم بأكلهم للحرام اكتسبوا هذا العذاب وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ، فتفكر وتدبر يا عبد الله ، تدبر واعتبر بمن كان قبلك ، وسل نفسك كم عمروا في هذه الدنيا وأين هم الآن ؟ تفكر وتدبر واسأل نفسك بماذا سينفعك الولد الذي فضلته على أخته إذا تواريت التراب؟ وهل سيحمل معك وزر هذا الذنب العظيم وماذا ستقول لربك عندما يسألك عن وصيته التي خالفتها وضيعتها وصيته التي في قوله تعالى يُوصِيكُم ُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن ثم أنت أيه الأخ الذي رضي بهذا الذنب واكل حق أخته ، بماذا ستنفعك تلك الأرضي والعقارات عندما تموت وتتركها وأختك وأولادها قلوبهم تملأها الحسرة والألم على حقهم الذي اغتصبته منهم وأعطيته لأولادك وماذا ستقول لهم عندما يقاضونك أمام الله تعالى وماذا ستقول لرب العالمين إذا سألك لماذا حرمتهم من حقهم ؟ ثم عباد الله من منا سيخلد في هذه الدنيا أين أبائنا أين أجدادنا ، من منا يأمن عذاب الله ولماذا ننسى ذلك اليوم العظيم يوم يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمّهِ وَأَبِيهِ ، وَصَاحِبَتِهُ وَبَنِيهِ لِكُلّ ٱمْرِئ مّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ لماذا ننسى ذلك اليوم العظيم يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنه لن ينفعكم يوم القيامة لا مالا ولا ولد ولا الناس أجمعين، وعلى كل من تحايل على الميراث وظلم بناته أو أخواته أو غيرهن من النساء ممن لهن حق عنده أن يبادر بالتوبة ورد الحقوق إلى أهلها ما دام الأمر بيده وهو في هذه الدار قبل فوات الأوان ؛ بادر يا أخي برد الحقوق إلى أصحابها وأعطِ كل ذي حق حقه وخذ السماح والعفو ممن ظلمت في هذه الدنيا ؛ فهو خير لك من أن يأخذوا منك حسناتك يوم تكون أحوج ما تكون إليها وبارك الله لي ولكم في القرءان ............ الخطبة الثانية .........................................................................................................................................................
الحمدُ لله يُوفِّقُ من شاء إلى مرضاته, ويُضلُّ من شاء عن رحماتِهِ أحمدُه وأشكره وأعبده وأتوكَّلُ عليه, لا إله إلا هو, يأمر بالعدل ويحكُمُ بالقسط, فالحق فيما أمر, والباطلُ فيما نهى. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه, والمُحذِّرُ من نيرانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل فاتقوا الله ربكم وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ واعلموا عباد الله أنَّ خيرَ ما يشتَغِل به الإنسانُ في حياتِه هو التفقهُ في دينِه والتبصُّر في تعاليم إسلامه ، يقول رسولُ الله(مَن يُردِ الله بِه خيرًا يفقِّهُّ في الدين) متفق عليه . عباد الله هناك مسألة يجهلها بعض المسلمين ، فيقع فيها من غيرِ أن يدركَ حكمَها أو أن يستبصر عاقبَتَها ، وهذه المسألة عادة ما تقع في حياة الإنسان قبل موته إنها التفضيلُ بين الأولادِ في العطيَّة على وجهِ المحاباة والتَّميِيز والمشروعَ للعَبدِ أن يسوِّيَ بين أولادِه في رعايته وعطيَّتِه وسائر شؤونِه وفقَ وصية الله لعباده ؛ فلا يجوز للأبِ أن يفضِّلَ أو يميِّز بعضَ أولاده على بعضٍ في العطيّة والهدية والميراث ، رَوَى النعمانُ بن بشير رضي الله عنه قال : تصدَّق عليَّ أبي بصدقةٍ من بعض مالِه فقالت أمِّي : لا أرضَى حتى تُشهِدَ رسولَ اللهِ فانطَلَق أبي إلى رسولِ الله ليُشهِدَه على صَدَقَتي فقال رسولُ الله أكُلَّهم نحلتَه كذلك) قال: لاَ قال رسول اللهاتَّقوا الله واعدِلوا بين أولادِكم) فرجع أبي فردَّ تلك الصدقة . رواه مسلم . قال الفقهاء: وهذا دليل على تحريمِ تفضيل وتميز بعض الأبناء على بعض . والراجِحُ من من أقوالِ أهلِ العلم في عطيَّةِ الأولاد القسمَةُ بينهم على قدرِ ميراثِهم ؛ للذكرِ مِثلُ حظِّ الأنثَيَين ." وأما تخصيصُ بعضِ الأولاد لحَاجَةٍ أو نَفَقَة للولد أو مَرضٍ أصابَه أو كَثرةِ عيالٍ عنده أو لاشتغالِه بعلمٍ ونحوه فإنه لا بأس حينئذٍ على قدر الحاجة ؛ لعدمِ قصد التخصيصِ والأَثَرة، ولا يلزمُ الأَب حينئذٍ أن يسوِّيَ في ذلك ، بل يعطي كلاًّ على حسبِ حاجته ، بدون أن يقصد التفضيلَ أو الأَثَرَةَ له على غيره ، والأعمالُ بالنّيّاتِ ومَن وقَع في تفضيلِ بَعضِ أولادِهِ على بعضٍ في العطيَّة فالواجبُ المتحتِّم عليهِ العَدلُ بينهم ؛ إمّا بالرجوعٍ في عطيَّتِه ، أو بإِعطاءِ بقيَّة الأولادِ بِالمثل على قاعِدَة : (للذكَر مثلُ حظِّ الأنثيين) . فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن دنياكم ظلٌّ زائل وعَرَض حائل ولو كانت تساوي عند الله جناحَ بعوضةٍ ما سقى كافرا منها شربة ماء ، فلا تتعلَّقوا بها حتى لا يعظم في قلوبكم أمرها ، وتفسد عليكم آخرتكم واعلَمُوا أن الكَيِّسَ الفطن من عبادِ الله من دانَ نفسه وحاسبها وعَملَ لما بعد الموت ، والعَاجزُ من أَتبعَ نفسَه هَواهَا وتَمنىَ على اللهِ الأمانِيْ . واعلَموا أيضا أن أصدق الحديث كلامُ الله وخيرَ الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشرَ الأمور محدثاتها ، وكلَّ محدثةٍ بدعة ، وكلَّ بدعةٍ ضلالة ، وكلَّ ضلالة في النار
ساعي البريد- متميز
- عدد المساهمات : 59
نقاط : 173
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/06/2013
مواضيع مماثلة
» الخطبه بعنوان الطهاره
» الخطبه بعنوان قساوة القلب
» أحكام الصلاة
» عبدالرحمن الفخري قصيدة بعنوان مجرد بطاقة
» الخطبه الأسباب المعينة على استقرار الحياة الزوجية واستمرارها
» الخطبه بعنوان قساوة القلب
» أحكام الصلاة
» عبدالرحمن الفخري قصيدة بعنوان مجرد بطاقة
» الخطبه الأسباب المعينة على استقرار الحياة الزوجية واستمرارها
صفحة 2 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى