رعاية الأسرة
صفحة 2 من اصل 1
رعاية الأسرة
خطبة بعنوان: “رعاية الأسرة وحمايتها في الإسلام“،
عناصر الخطبة: العنصر الأول: أهمية الأسرة ومكانتها في الإسلام العنصر الثاني: صفات الأسرة المسلمة العنصر الثالث: أثر صلاح الأسرة في استقرار المجتمع العنصر الرابع: مظاهر حماية الأسرة في الإسلام الخطبة الإولى أما بعد: العنصر الأول: أهمية الأسرة ومكانتها في الإسلام عباد الله: لقد جاء الإسلامُ والعلاقاتُ الأسريَّة في فوضى وانحلال فأراد إنقاذَ البشرية من هذا السوء؛ لذا جعل الإسلام الأسرةَ هي وحدةَ بناء المجتمع، وأحاطها بسياجٍ كبير من التشريعات التي تضمن لها الجديةَ والنجاح – بإذن الله. وقد وصلتْ عنايةُ الإسلام بهذا المكون الرئيس للمجتمع (الأسرة) إلى درجة كبيرة، حتى إن هذه العناية امتدتْ إلى ما قبل تأسيسها في مُحَاوَلة إلى انتقاء عناصر بنائها بما يحقِّق التلاؤُم، والانسجام، ويُقَلِّل من دوافع الفشل لبنيانها، بل إنَّ الإسلامَ حَثَّ أتباعه على المساهَمة في تكوين هذه الأسرة عبر وسيلته المشروعة وهي الزواج، الذي اعتبره الإسلامُ إحدى سُنَن الله في الخلق لما يحققه من مقاصد في الحياة الإنسانية؛ إذ يقول الله – تبارك وتعالى -: { وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [الذاريات: 49]، ويقول: { سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ } [يس: 36]، فالزواج إذًا سُنَّة كونيَّة، ولا ينبغي للإنسانِ أن يشذَّ عنها؛ إذ أنَّ اللهَ – ومنذ أن خَلَقَ الإنسانَ الأولَ آدم، وأسْكَنَه الجنة – لم يَدَعْه وحده في الجنة، فالإنسانُ لا يستطيع أن يحيا وحده بلا أنيس ولا جليس؛ لذلك خَلَقَ اللهُ لآدم من نفس جنسه زوجًا: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } [النساء: 1]، “ لذلك جعل الإسلام الزواجَ السبيلَ الوحيد لتكوين الأسرة، بالشكل الذي يحفظ الحُرُماتِ والأنسابَ، ويُلبِّي الغرائزَ الطبيعية في إطار من العفَّة والخصوصية، ويحقق لطرفي الزواج ما يبحثان عنه من السكن والاستقرار، وامتنَّ عليهما بإسباغ المودة والرحمة على تلك العلاقةِ الشريفة، وقد نبَّه القرآن على ذلك في قوله – تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]. قال الإمام الطبري – رحمه الله – في تفسير الآية:”جعل بينكم بالمصاهرة والختونة مودةً تتوادُّون بها، وتتواصلون من أجلها، ورحمةً رحمكم بها؛ فعطف بعضكم بذلك على بعض” أ.ه لذلك حث الإسلام على حسن اختيار الزوجة لأنها أساس بناء الأسرة كما أنها مضنة الولد الصالح لتكون أمّاً مربية تقية طاهرة عفيفة، تعين أبناءها على التربية الصالحة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ “( متفق عليه)، ومن هنا يرى علماء التربية أن دور الأم في تربية الطفل يسبق دور الأب، وذلك لكثرة ملازمتها للطفل منذ تكوينه جنيناً في بطنها حتى يكبر. وصدق الشاعر حافظ إبراهيم إذ يقول: الأم مدرسة إذا أعددتها………… أعددت شعباً طيب الأعراق بل إن الرسول دَفَعَ الشبابَ دفعًا إلى تحقيق هذه السنة، موضِّحًا فوائد ذلك ومنافعه فقال:” يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ: مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ؛ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ” (متفق عليه)، وقد كان كل ذلك وغيره من النصوص دافعًا قويًّا إلى إجلال الزواج، واعتباره إحدى المسائل المهمة التي يجب على المسلم أن يَتَفَكَّرَ فيهَا، ويسعى إلى تحقيقها. ولقد فطن الغرب إلى أهمية الأسرة في بناء المجتمع والأمم والحضارات، واعتبروا هدم الأسرة هدما للحضارة كلها. يقول أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث هي: 1- اهدم الأسرة……………. 2- اهدم التعليم…………………… 3- أسقط القدوات. * لكي تهدم الأسرة: عليك بتغييب دور (الأم) اجعلها تخجل من وصفها بـ”ربة بيت” * ولكي تهدم التعليم: عليك بـ (المعلم) لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه. * ولكي تسقط القدوات: عليك بـ (العلماء والآباء) اطعن فيهم قلل من شأنهم، شكك فيهم حتى لا يسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد. فإذا اختفت (الأم الواعية)، واختفى (المعلم والأب المخلص)، وسقطت (القدوة)؛ فمن يربي النشء على القيم؟! ومن هذا المنطلق كانت أهمية الأسرة ومكانتها في الإسلام . العنصر الثاني: صفات الأسرة المسلمة أحبتي في الله: هناك كثير من الأسر – في وقعنا المعاصر – تشكو من القلق والضنك والتوتر وعدم الاستقرار ؛ لذلك أقف مع حضراتكم في هذا العنصر لنعرف صفات الأسرة المسلمة الآمنة السعيدة المستقرة؛ على أن هذه الصفات لا تُذكر من باب التعداد فقط وإنما من أجل التطبيق العملي على أسرنا ومجتمعنا ؛ وهذه الصفات تتمثل فيما يلي:- أولاً: أن تكون العلاقات بين أفراد الأسرة قائمة على الحب لأن صفات الحب والحنان والعطف والمودة والرحمة هي أساس وقوام الحياة الزوجية والهدف الأساس منها. قال تعالى:{ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21) وكان صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في تبادل الحب بينه وبين أزواجه؛ وعلى رأس القائمة أمنا خديجة التي ظل حبها في قلبه طوال حياته؛ فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:” مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ وَإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا. قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ فَيَقُولُ: أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ. قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ!! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا!” ( مسلم ). قال النووي في شرح مسلم:” فيه إشارة إلى أن حبها فضيلة حصلت .”؛ أما من الأحياء فكان صلى الله عليه وسلم يحب عائشة كثيرا؛ فعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ:” يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ. قَالَ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا.” ( الترمذي وحسنه). لقد كان الحب في قلب النبي – صلى الله عليه وسلم – لزوجه الطاهرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها شمساً ترسل أشعتها في حياة كل الأزواج، كي يستضيئوا بضيائها، ولنا في البيت النبوي الأسوة والقدوة، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} (الأحزاب:21). فحينما تقوم الأسرة على الحب والعطف والحنان والدفء ؛ فإن السعادة والفرحة تسيطر على جميع أفراد الأسرة رجالا ونساءً وأولاداً . ثانيا: التعاون بين أفراد الأسرة فيكون جميع أفراد الأسرة متعاونين متكاتفين متكافلين؛ كلٌ يعمل قدر استطاعته؛ ولا سيما إذا كان الزوجان يعملان في وظيفة أو مهنة؛ لأن الحياة تشارك وتعاون وتعاضد ؛ وقد كان صلى الله عليه وسلم خير مثال؛ فقد ضرب لنا أروع الأمثلة في العمل والبناء والتعمير ؛ فكان يقوم بمهنة أهله، يغسل ثوبه، ويحلب شاته، ويرقع الثوب، ويخصف النعل؛ ويعلف بعيره، ويأكل مع الخادم، ويطحن مع زوجته إذا عييت ويعجن معها، وكان يقطع اللحم مع أزواجه، ويحمل بضاعته من السوق، وشواهد ذلك في السنة والسيرة كثيرة!! ثالثا: رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة فهناك حقوق متبادلة بين الزوجين؛ فكما أن للزوج حقوقاً؛ فكذلك للزوجة حقوق؛ قال: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } قال ابن كثير:” أي: ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فلْيؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف”؛ وقد بين صلى الله عليه وسلم هذه الحقوق في خطبته الجامعة في حجة الوداع حيث قال:” اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ؛ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ؛ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ؛ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.” ( مسلم ). وكذلك الحقوق المتبادلة بين الآباء والأبناء؛ وقد جمعها ولخصها سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فقد ( جاءه رجل يشكو إليه عقوق ابنه ، فأحضر عمر الولد وابنه وأنَّبه على عقوقه لأبيه، ونسيانه لحقوقه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب ( أي القرآن )، قال الولد: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك، أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جُعلاً ( أي خنفساء )، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً 0 فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت إليَّ تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك ؟! ) ( تربية الأولاد في الإسلام، عبدالله ناصح علوان). فلو أن كل فرد من أفراد الأسرة أدى ما عليه من حقوق وواجبات دون تقصير ؛ لصلح حال الأسرة والبلاد والعباد . رابعا: تنشئة الأسرة على القيم والأخلاق والآداب وهذه الصفة من أهم صفات الأسرة المسلمة؛ فصلاح أولادنا أن نغرس فيهم منهج نبينا في جميع شئون الحياة، وذلك بتعليمهم آداب الصلاة والصوم والاستئذان ودخول البت وخروجه، وآداب الطعام والشراب، واحترام الكبير وتوقيره وغير ذلك من الآداب التي حثتا عليها الشارع الحكيم. وقد ضرب النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لنا المثل والقدوة في التربية، فعن ابن عباس قال كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا فقال:” يا غلامُ ، إني أعلِّمُك كلماتٍ : احفَظِ اللهَ يحفَظْك ، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك ، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ” ( أحمد والطبراني والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح). وعن عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” يَا غُلَامُ: سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ” فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.” ( البخاري ). أيها الآباء الفضلاء والأمهات الفضليات: عليكم أن تعلموا أولادكم الصدق في الأمور كلها؛ واحذروا أن تعلموا أولادكم الكذب من حيث لا تشعرون؛ فقد تعدونه بشيء ولا توفون به فتكونون كذابين في نظره؛ وهذا شائع وكثير في بيوتنا ومجتمعنا؛ لذا بين لنا النبي – صلى الله عليه و سلم- ذلك؛ فقد روى الصحابي الجليل عبد الله بن عامر قائلاً: دعتني أمي يومًا وأنا صغير، ورسول الله قاعد في بيتنا، فقالت لي: تعال أعطيك، فسألها الرسول الصادق المصدوق: ((ما أردت أن تعطيه؟)) قالت: أردت أن أعطيه تمرًا، فقال لها: ((أما إنك لو لم تعطه شيئًا كُتِبت عليك كذبة))[أحمد وأبو داود بسند حسن]. وما أجمل هذه القصة الجميلة التي تبين لنا مدى الاهتمام بغرس القيم الخلقية للنشء عند سلفنا الصالح؛ يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني -رحمه الله-: ” بَنَيْتُ أمري على الصدق، وذلك أني خرجت من مكة إلى بغداد أطلب العلم، فأعطتني أُمِّي أربعين دينارًا، وعاهدتني على الصدق، ولمَّا وصلنا أرض (هَمْدَان) خرج علينا عرب، فأخذوا القافلة، فمرَّ واحد منهم، وقال: ما معك؟ قلت: أربعون دينارًا. فظنَّ أني أهزأ به، فتركني، فرآني رجل آخر، فقال ما معك؟ فأخبرته، فأخذني إلى أميرهم، فسألني فأخبرته، فقال: ما حملك على الصدق؟ قلت: عاهدَتْني أُمِّي على الصدق، فأخاف أن أخون عهدها. فصاح باكيًا، وقال: أنت تخاف أن تخون عهد أُمِّك، وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله!! ثم أمر بردِّ ما أخذوه من القافلة، وقال: أنا تائب لله على يديك. فقال مَنْ معه: أنت كبيرنا في قطع الطريق، وأنت اليوم كبيرنا في التوبة، فتابوا جميعًا ببركة الصدق وسببه” . [نزهة المجالس ومنتخب النفائس للصفوري]. أيها المسلمون: إننا إذا بنينا الأسرة على هذا الأساس السليم القويم؛ وهذه الصفات النبيلة؛ شمخ البنيان، ونجحنا في تقويم الأولاد، فنحن نكون قد حصلنا على أسرة صالحة، ومن مجموع الأسر نحصل على مجتمع فاضل تسوده المحبة، ويسري فيه الصلاح، ويكثر بينهم التعاون والتناصح والتآلف والتكاتف. أحبتي في الله: هذه مجموعة من الصفات الواجب توافرها في الأسرة المسلمة الصالحة، التي لو تحققت فيها لعم الاستقرار والسعادة والأمن والأمان والسلامة والاطمئنان . العنصر الثالث: أثر صلاح الأسرة في استقرار المجتمع أحبتي في الله: عرفنا في عنصرنا السابق صفات الأسرة المسلمة الصالحة؛ وهذه الصفات إذا توافرت في الأسرة المسلمة كانت صالحة ؛ لأن الأسرة لبنة من لبنات المجتمع؛ فهي كالقلب إذا صلحت صلح المجتمع كله؛ وإذا فسدت فسد المجتمع كله!! إذن تبدأ المسؤولية والأهمية من الأسرة، فالأسرة التي تربي أبناءها وتنمي قدراتهم وتغرس في نفوسهم حب الخير وحب الناس وحب العمل وحب الوطن والتمسك بالأخلاق والشمائل الإسلامية، والدفاع عن الوطن من الأعداء والحاسدين، إنما هي تقوم ببناء المجتمع.. أما تلك الأسرة التي لا تهتم بأبنائها وتترك لهم الحبل على الغارب ولا تنشئهم تنشئة اجتماعية سليمة، إنما هي تهدم المجتمع. إن الاهتمام ببناء الأسر وبناء المجتمع يبدأ من الاهتمام بالأطفال وتربيتهم وتنشئتهم تنشئة سليمة، فمهام ووظائف وأدوار الأسر تبدأ مبكرا منذ نشأتها الأولى ومنذ إنجابها لأول طفل، والطفل يحتاج إلى رعاية والديه والأسرة؛ وهو يكتسب منهم وممن يحيطون به الخبرات والمهارات والعادات وقواعد السلوك، التي تجعله يتلاءم مع مجتمعه، والأسرة التي لا تهتم بأطفالها فهي لا تقدم للمجتمع إلا الشر والضرر، فمعظم المخربين والجانحين والمجرمين هم من الذين لم تهتم بهم أسرهم وأنشأتهم تنشئة غير سليمة وربتهم تربية طالحة سيئة، وهي تلك الأسر التي جرت خلف المادة وخلف المشاكل والخلافات، فلم تهتم بأبنائها، وبالتالي أفرزت وأخرجت إلى المجتمع رجالا مخربين وجانحين ومنحرفين. فإذا قصرت الأم في الواجب التربوي نحو أولادها لانشغاله مع معارفها وصديقتها واستقبال ضيوفها وخروجها من بيتها، وإذا أهمل الأب مسؤولية التوجيه والتربية نحو أولاده لانصرافه وقت الفراغ إلى اللهو مع الأصحاب والخلان، فلاشك أن الأبناء سينشئون نشأة اليتامى ويعيشون عيشة المتشردين، وصدق القائل: ليس اليتيم من انتهى أبواه من …… هـــم الحياة وخلفاه ذليلاً إن الـيـتيم الـــــــــــذي تـلقــــــى لـــه………أمّاً تخلت أو أباً مشغولاً عباد الله: عليكم إصلاح أولادكم؛ والقيام عليهم؛ والصبر والتصبر في تعليمهم وتعويدهم على الطاعة؛ واحفظوهم من الضياع مع الشباب الفاسد الطائش واعلموا أنكم مسئولون عن أسركم وأولادكم يوم القيامة؛ وبين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:” كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” ( متفق عليه) وقال أيضاً : ” إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاهُ ، أحفظَ أم ضيَّعَ ؟ حتى يُسألَ الرجلُ عن أهلِ بيتِه “( ابن حبان بسند حسن)؛ يقول الإمام الغزالي رحمه الله في رسالته أنجع الرسائل: «الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عُوِّد الخير وعلمه؛ نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة أبواه، وكل معلم له ومؤدِّب، وإن عوِّد الشر وأُهْمِلَ إهمال البهائم؛ شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيِّم عليه والوالي له». فأولادكم أمانة في أيديكم وستسألون عنهم فماذا أنتم قائلون؟!!! العنصر الرابع: مظاهر حماية الأسرة في الإسلام أيها المسلمون: إن الإسلام بمبادئه وأحكامه السمحة الميسرة أحاط الأسرة بسياج من الأمن والأمان يحفظ جميع أفراد الأسرة ويحميها من الانزلاق في الفساد أو الوقوع في الشبهات . ومن أهم هذه المظاهر شمول الزواج للأحكام الشرعية الخمسة: فمن المعلوم أن كل أمر أو نهي له حكم واحد في الحل أو الحرمة أو الاستحباب أو الكراهة أو الإباحة؛ عدا الزواج فإنه يشملها كلها ويختلف حكمه حسب حال الشخص . ويحضرني في ذلك أن شخصاً أعرفه معرفة شخصية قرر الأطباء عدم زواجه لمرض عنده ؛ وأنه إذا تزوج فإنه يفارق الحياة بعد أول معاشرة زوجية؛ فأبى أبواه إلا الزواج حتى يفرحا به؛ فتزوج ومع أول معاشرة زوجية نقل على أثرها إلى المستشفى حتى فارق الحياة؛ فهذا الزواج حكمه حرام لأنه يؤدي الهلاك ؛ والله تعالى يقول: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: 195). ومن أهم مظاهر حماية الأسرة أيضاً عدم تحديد سن الزواج: فقد تركه الشارع الحكيم لظروف الحال والزمان والمكان؛ فلو جاءت حرب أو مرض اجتاح البلاد والعباد ؛ وقضى على الشباب والرجال؛ ففي هذه الحال يجوز بل يجب الزواج في الصغر لتكثير النسل والعمل على قوة المسلمين وعزتهم؛ وفيما عدا ذلك يجب رفع سن الزواج حتى تنضج الفتاة وتبلغ أشدها وتكون قادرة صحيا وجسديا وعقليا ونفسيا على تبعات الزواج ومسئولياته تجاه الذرية؛ أما ما نراه في هذه الأيام من زواج القاصرات فإن ذلك يخرج جيلا هشا عليلا ؛ وفاقد الشيء لا يعطيه؛ لذلك حدد القانون المصري سن الزواج مراعاة لمقتضى الحال والزمان والمكان؛ وهذا يتوافق مع مبادئ الشريعة ومقاصدها السمحة . ومن أهم مظاهر حماية الأسرة أيضاً تنظيم النسل: وذلك بأن نعطي لكل طفل حقه في الرضاعة والحضانة والحنان؛ لذلك شرعت الرضاعة حولين كاملين لمن أراد أن يتمها؛ أما إذا كثر النسل وأصبح الكثرة الكاثرة ؛ دون رعاية أو تربية أو توجيه ؛ فهذا يؤدي إلى فساد المجتمع وانهياره ؛ فعلينا اتباع الأوامر الإلاهية ومراعاة المقاصد الشرعية حتى نحمى أولادنا وأسرنا ومجتمعنا وبلادنا . وهكذا – أيها المسلمون – يراعي الشارع الحكيم الظروف والأحوال والأحكام الاجتماعية؛ ويهدف من ذلك إلى بناء أسرة قويمة سليمة البنيان سعيدة برضا الرحمن. الله أسأل أن يحفظ أولادنا وبناتنا وأهلنا وأسرنا ومجتمعنا من كل مكروه وسوء!! الدعاء،
عناصر الخطبة: العنصر الأول: أهمية الأسرة ومكانتها في الإسلام العنصر الثاني: صفات الأسرة المسلمة العنصر الثالث: أثر صلاح الأسرة في استقرار المجتمع العنصر الرابع: مظاهر حماية الأسرة في الإسلام الخطبة الإولى أما بعد: العنصر الأول: أهمية الأسرة ومكانتها في الإسلام عباد الله: لقد جاء الإسلامُ والعلاقاتُ الأسريَّة في فوضى وانحلال فأراد إنقاذَ البشرية من هذا السوء؛ لذا جعل الإسلام الأسرةَ هي وحدةَ بناء المجتمع، وأحاطها بسياجٍ كبير من التشريعات التي تضمن لها الجديةَ والنجاح – بإذن الله. وقد وصلتْ عنايةُ الإسلام بهذا المكون الرئيس للمجتمع (الأسرة) إلى درجة كبيرة، حتى إن هذه العناية امتدتْ إلى ما قبل تأسيسها في مُحَاوَلة إلى انتقاء عناصر بنائها بما يحقِّق التلاؤُم، والانسجام، ويُقَلِّل من دوافع الفشل لبنيانها، بل إنَّ الإسلامَ حَثَّ أتباعه على المساهَمة في تكوين هذه الأسرة عبر وسيلته المشروعة وهي الزواج، الذي اعتبره الإسلامُ إحدى سُنَن الله في الخلق لما يحققه من مقاصد في الحياة الإنسانية؛ إذ يقول الله – تبارك وتعالى -: { وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [الذاريات: 49]، ويقول: { سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ } [يس: 36]، فالزواج إذًا سُنَّة كونيَّة، ولا ينبغي للإنسانِ أن يشذَّ عنها؛ إذ أنَّ اللهَ – ومنذ أن خَلَقَ الإنسانَ الأولَ آدم، وأسْكَنَه الجنة – لم يَدَعْه وحده في الجنة، فالإنسانُ لا يستطيع أن يحيا وحده بلا أنيس ولا جليس؛ لذلك خَلَقَ اللهُ لآدم من نفس جنسه زوجًا: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } [النساء: 1]، “ لذلك جعل الإسلام الزواجَ السبيلَ الوحيد لتكوين الأسرة، بالشكل الذي يحفظ الحُرُماتِ والأنسابَ، ويُلبِّي الغرائزَ الطبيعية في إطار من العفَّة والخصوصية، ويحقق لطرفي الزواج ما يبحثان عنه من السكن والاستقرار، وامتنَّ عليهما بإسباغ المودة والرحمة على تلك العلاقةِ الشريفة، وقد نبَّه القرآن على ذلك في قوله – تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]. قال الإمام الطبري – رحمه الله – في تفسير الآية:”جعل بينكم بالمصاهرة والختونة مودةً تتوادُّون بها، وتتواصلون من أجلها، ورحمةً رحمكم بها؛ فعطف بعضكم بذلك على بعض” أ.ه لذلك حث الإسلام على حسن اختيار الزوجة لأنها أساس بناء الأسرة كما أنها مضنة الولد الصالح لتكون أمّاً مربية تقية طاهرة عفيفة، تعين أبناءها على التربية الصالحة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ “( متفق عليه)، ومن هنا يرى علماء التربية أن دور الأم في تربية الطفل يسبق دور الأب، وذلك لكثرة ملازمتها للطفل منذ تكوينه جنيناً في بطنها حتى يكبر. وصدق الشاعر حافظ إبراهيم إذ يقول: الأم مدرسة إذا أعددتها………… أعددت شعباً طيب الأعراق بل إن الرسول دَفَعَ الشبابَ دفعًا إلى تحقيق هذه السنة، موضِّحًا فوائد ذلك ومنافعه فقال:” يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ: مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ؛ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ” (متفق عليه)، وقد كان كل ذلك وغيره من النصوص دافعًا قويًّا إلى إجلال الزواج، واعتباره إحدى المسائل المهمة التي يجب على المسلم أن يَتَفَكَّرَ فيهَا، ويسعى إلى تحقيقها. ولقد فطن الغرب إلى أهمية الأسرة في بناء المجتمع والأمم والحضارات، واعتبروا هدم الأسرة هدما للحضارة كلها. يقول أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث هي: 1- اهدم الأسرة……………. 2- اهدم التعليم…………………… 3- أسقط القدوات. * لكي تهدم الأسرة: عليك بتغييب دور (الأم) اجعلها تخجل من وصفها بـ”ربة بيت” * ولكي تهدم التعليم: عليك بـ (المعلم) لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه. * ولكي تسقط القدوات: عليك بـ (العلماء والآباء) اطعن فيهم قلل من شأنهم، شكك فيهم حتى لا يسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد. فإذا اختفت (الأم الواعية)، واختفى (المعلم والأب المخلص)، وسقطت (القدوة)؛ فمن يربي النشء على القيم؟! ومن هذا المنطلق كانت أهمية الأسرة ومكانتها في الإسلام . العنصر الثاني: صفات الأسرة المسلمة أحبتي في الله: هناك كثير من الأسر – في وقعنا المعاصر – تشكو من القلق والضنك والتوتر وعدم الاستقرار ؛ لذلك أقف مع حضراتكم في هذا العنصر لنعرف صفات الأسرة المسلمة الآمنة السعيدة المستقرة؛ على أن هذه الصفات لا تُذكر من باب التعداد فقط وإنما من أجل التطبيق العملي على أسرنا ومجتمعنا ؛ وهذه الصفات تتمثل فيما يلي:- أولاً: أن تكون العلاقات بين أفراد الأسرة قائمة على الحب لأن صفات الحب والحنان والعطف والمودة والرحمة هي أساس وقوام الحياة الزوجية والهدف الأساس منها. قال تعالى:{ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21) وكان صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في تبادل الحب بينه وبين أزواجه؛ وعلى رأس القائمة أمنا خديجة التي ظل حبها في قلبه طوال حياته؛ فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:” مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ وَإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا. قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ فَيَقُولُ: أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ. قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ!! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا!” ( مسلم ). قال النووي في شرح مسلم:” فيه إشارة إلى أن حبها فضيلة حصلت .”؛ أما من الأحياء فكان صلى الله عليه وسلم يحب عائشة كثيرا؛ فعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ:” يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ. قَالَ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا.” ( الترمذي وحسنه). لقد كان الحب في قلب النبي – صلى الله عليه وسلم – لزوجه الطاهرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها شمساً ترسل أشعتها في حياة كل الأزواج، كي يستضيئوا بضيائها، ولنا في البيت النبوي الأسوة والقدوة، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} (الأحزاب:21). فحينما تقوم الأسرة على الحب والعطف والحنان والدفء ؛ فإن السعادة والفرحة تسيطر على جميع أفراد الأسرة رجالا ونساءً وأولاداً . ثانيا: التعاون بين أفراد الأسرة فيكون جميع أفراد الأسرة متعاونين متكاتفين متكافلين؛ كلٌ يعمل قدر استطاعته؛ ولا سيما إذا كان الزوجان يعملان في وظيفة أو مهنة؛ لأن الحياة تشارك وتعاون وتعاضد ؛ وقد كان صلى الله عليه وسلم خير مثال؛ فقد ضرب لنا أروع الأمثلة في العمل والبناء والتعمير ؛ فكان يقوم بمهنة أهله، يغسل ثوبه، ويحلب شاته، ويرقع الثوب، ويخصف النعل؛ ويعلف بعيره، ويأكل مع الخادم، ويطحن مع زوجته إذا عييت ويعجن معها، وكان يقطع اللحم مع أزواجه، ويحمل بضاعته من السوق، وشواهد ذلك في السنة والسيرة كثيرة!! ثالثا: رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة فهناك حقوق متبادلة بين الزوجين؛ فكما أن للزوج حقوقاً؛ فكذلك للزوجة حقوق؛ قال: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } قال ابن كثير:” أي: ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فلْيؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف”؛ وقد بين صلى الله عليه وسلم هذه الحقوق في خطبته الجامعة في حجة الوداع حيث قال:” اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ؛ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ؛ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ؛ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.” ( مسلم ). وكذلك الحقوق المتبادلة بين الآباء والأبناء؛ وقد جمعها ولخصها سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فقد ( جاءه رجل يشكو إليه عقوق ابنه ، فأحضر عمر الولد وابنه وأنَّبه على عقوقه لأبيه، ونسيانه لحقوقه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب ( أي القرآن )، قال الولد: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك، أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جُعلاً ( أي خنفساء )، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً 0 فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت إليَّ تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك ؟! ) ( تربية الأولاد في الإسلام، عبدالله ناصح علوان). فلو أن كل فرد من أفراد الأسرة أدى ما عليه من حقوق وواجبات دون تقصير ؛ لصلح حال الأسرة والبلاد والعباد . رابعا: تنشئة الأسرة على القيم والأخلاق والآداب وهذه الصفة من أهم صفات الأسرة المسلمة؛ فصلاح أولادنا أن نغرس فيهم منهج نبينا في جميع شئون الحياة، وذلك بتعليمهم آداب الصلاة والصوم والاستئذان ودخول البت وخروجه، وآداب الطعام والشراب، واحترام الكبير وتوقيره وغير ذلك من الآداب التي حثتا عليها الشارع الحكيم. وقد ضرب النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لنا المثل والقدوة في التربية، فعن ابن عباس قال كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا فقال:” يا غلامُ ، إني أعلِّمُك كلماتٍ : احفَظِ اللهَ يحفَظْك ، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك ، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ” ( أحمد والطبراني والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح). وعن عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” يَا غُلَامُ: سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ” فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.” ( البخاري ). أيها الآباء الفضلاء والأمهات الفضليات: عليكم أن تعلموا أولادكم الصدق في الأمور كلها؛ واحذروا أن تعلموا أولادكم الكذب من حيث لا تشعرون؛ فقد تعدونه بشيء ولا توفون به فتكونون كذابين في نظره؛ وهذا شائع وكثير في بيوتنا ومجتمعنا؛ لذا بين لنا النبي – صلى الله عليه و سلم- ذلك؛ فقد روى الصحابي الجليل عبد الله بن عامر قائلاً: دعتني أمي يومًا وأنا صغير، ورسول الله قاعد في بيتنا، فقالت لي: تعال أعطيك، فسألها الرسول الصادق المصدوق: ((ما أردت أن تعطيه؟)) قالت: أردت أن أعطيه تمرًا، فقال لها: ((أما إنك لو لم تعطه شيئًا كُتِبت عليك كذبة))[أحمد وأبو داود بسند حسن]. وما أجمل هذه القصة الجميلة التي تبين لنا مدى الاهتمام بغرس القيم الخلقية للنشء عند سلفنا الصالح؛ يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني -رحمه الله-: ” بَنَيْتُ أمري على الصدق، وذلك أني خرجت من مكة إلى بغداد أطلب العلم، فأعطتني أُمِّي أربعين دينارًا، وعاهدتني على الصدق، ولمَّا وصلنا أرض (هَمْدَان) خرج علينا عرب، فأخذوا القافلة، فمرَّ واحد منهم، وقال: ما معك؟ قلت: أربعون دينارًا. فظنَّ أني أهزأ به، فتركني، فرآني رجل آخر، فقال ما معك؟ فأخبرته، فأخذني إلى أميرهم، فسألني فأخبرته، فقال: ما حملك على الصدق؟ قلت: عاهدَتْني أُمِّي على الصدق، فأخاف أن أخون عهدها. فصاح باكيًا، وقال: أنت تخاف أن تخون عهد أُمِّك، وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله!! ثم أمر بردِّ ما أخذوه من القافلة، وقال: أنا تائب لله على يديك. فقال مَنْ معه: أنت كبيرنا في قطع الطريق، وأنت اليوم كبيرنا في التوبة، فتابوا جميعًا ببركة الصدق وسببه” . [نزهة المجالس ومنتخب النفائس للصفوري]. أيها المسلمون: إننا إذا بنينا الأسرة على هذا الأساس السليم القويم؛ وهذه الصفات النبيلة؛ شمخ البنيان، ونجحنا في تقويم الأولاد، فنحن نكون قد حصلنا على أسرة صالحة، ومن مجموع الأسر نحصل على مجتمع فاضل تسوده المحبة، ويسري فيه الصلاح، ويكثر بينهم التعاون والتناصح والتآلف والتكاتف. أحبتي في الله: هذه مجموعة من الصفات الواجب توافرها في الأسرة المسلمة الصالحة، التي لو تحققت فيها لعم الاستقرار والسعادة والأمن والأمان والسلامة والاطمئنان . العنصر الثالث: أثر صلاح الأسرة في استقرار المجتمع أحبتي في الله: عرفنا في عنصرنا السابق صفات الأسرة المسلمة الصالحة؛ وهذه الصفات إذا توافرت في الأسرة المسلمة كانت صالحة ؛ لأن الأسرة لبنة من لبنات المجتمع؛ فهي كالقلب إذا صلحت صلح المجتمع كله؛ وإذا فسدت فسد المجتمع كله!! إذن تبدأ المسؤولية والأهمية من الأسرة، فالأسرة التي تربي أبناءها وتنمي قدراتهم وتغرس في نفوسهم حب الخير وحب الناس وحب العمل وحب الوطن والتمسك بالأخلاق والشمائل الإسلامية، والدفاع عن الوطن من الأعداء والحاسدين، إنما هي تقوم ببناء المجتمع.. أما تلك الأسرة التي لا تهتم بأبنائها وتترك لهم الحبل على الغارب ولا تنشئهم تنشئة اجتماعية سليمة، إنما هي تهدم المجتمع. إن الاهتمام ببناء الأسر وبناء المجتمع يبدأ من الاهتمام بالأطفال وتربيتهم وتنشئتهم تنشئة سليمة، فمهام ووظائف وأدوار الأسر تبدأ مبكرا منذ نشأتها الأولى ومنذ إنجابها لأول طفل، والطفل يحتاج إلى رعاية والديه والأسرة؛ وهو يكتسب منهم وممن يحيطون به الخبرات والمهارات والعادات وقواعد السلوك، التي تجعله يتلاءم مع مجتمعه، والأسرة التي لا تهتم بأطفالها فهي لا تقدم للمجتمع إلا الشر والضرر، فمعظم المخربين والجانحين والمجرمين هم من الذين لم تهتم بهم أسرهم وأنشأتهم تنشئة غير سليمة وربتهم تربية طالحة سيئة، وهي تلك الأسر التي جرت خلف المادة وخلف المشاكل والخلافات، فلم تهتم بأبنائها، وبالتالي أفرزت وأخرجت إلى المجتمع رجالا مخربين وجانحين ومنحرفين. فإذا قصرت الأم في الواجب التربوي نحو أولادها لانشغاله مع معارفها وصديقتها واستقبال ضيوفها وخروجها من بيتها، وإذا أهمل الأب مسؤولية التوجيه والتربية نحو أولاده لانصرافه وقت الفراغ إلى اللهو مع الأصحاب والخلان، فلاشك أن الأبناء سينشئون نشأة اليتامى ويعيشون عيشة المتشردين، وصدق القائل: ليس اليتيم من انتهى أبواه من …… هـــم الحياة وخلفاه ذليلاً إن الـيـتيم الـــــــــــذي تـلقــــــى لـــه………أمّاً تخلت أو أباً مشغولاً عباد الله: عليكم إصلاح أولادكم؛ والقيام عليهم؛ والصبر والتصبر في تعليمهم وتعويدهم على الطاعة؛ واحفظوهم من الضياع مع الشباب الفاسد الطائش واعلموا أنكم مسئولون عن أسركم وأولادكم يوم القيامة؛ وبين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:” كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” ( متفق عليه) وقال أيضاً : ” إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاهُ ، أحفظَ أم ضيَّعَ ؟ حتى يُسألَ الرجلُ عن أهلِ بيتِه “( ابن حبان بسند حسن)؛ يقول الإمام الغزالي رحمه الله في رسالته أنجع الرسائل: «الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عُوِّد الخير وعلمه؛ نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة أبواه، وكل معلم له ومؤدِّب، وإن عوِّد الشر وأُهْمِلَ إهمال البهائم؛ شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيِّم عليه والوالي له». فأولادكم أمانة في أيديكم وستسألون عنهم فماذا أنتم قائلون؟!!! العنصر الرابع: مظاهر حماية الأسرة في الإسلام أيها المسلمون: إن الإسلام بمبادئه وأحكامه السمحة الميسرة أحاط الأسرة بسياج من الأمن والأمان يحفظ جميع أفراد الأسرة ويحميها من الانزلاق في الفساد أو الوقوع في الشبهات . ومن أهم هذه المظاهر شمول الزواج للأحكام الشرعية الخمسة: فمن المعلوم أن كل أمر أو نهي له حكم واحد في الحل أو الحرمة أو الاستحباب أو الكراهة أو الإباحة؛ عدا الزواج فإنه يشملها كلها ويختلف حكمه حسب حال الشخص . ويحضرني في ذلك أن شخصاً أعرفه معرفة شخصية قرر الأطباء عدم زواجه لمرض عنده ؛ وأنه إذا تزوج فإنه يفارق الحياة بعد أول معاشرة زوجية؛ فأبى أبواه إلا الزواج حتى يفرحا به؛ فتزوج ومع أول معاشرة زوجية نقل على أثرها إلى المستشفى حتى فارق الحياة؛ فهذا الزواج حكمه حرام لأنه يؤدي الهلاك ؛ والله تعالى يقول: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: 195). ومن أهم مظاهر حماية الأسرة أيضاً عدم تحديد سن الزواج: فقد تركه الشارع الحكيم لظروف الحال والزمان والمكان؛ فلو جاءت حرب أو مرض اجتاح البلاد والعباد ؛ وقضى على الشباب والرجال؛ ففي هذه الحال يجوز بل يجب الزواج في الصغر لتكثير النسل والعمل على قوة المسلمين وعزتهم؛ وفيما عدا ذلك يجب رفع سن الزواج حتى تنضج الفتاة وتبلغ أشدها وتكون قادرة صحيا وجسديا وعقليا ونفسيا على تبعات الزواج ومسئولياته تجاه الذرية؛ أما ما نراه في هذه الأيام من زواج القاصرات فإن ذلك يخرج جيلا هشا عليلا ؛ وفاقد الشيء لا يعطيه؛ لذلك حدد القانون المصري سن الزواج مراعاة لمقتضى الحال والزمان والمكان؛ وهذا يتوافق مع مبادئ الشريعة ومقاصدها السمحة . ومن أهم مظاهر حماية الأسرة أيضاً تنظيم النسل: وذلك بأن نعطي لكل طفل حقه في الرضاعة والحضانة والحنان؛ لذلك شرعت الرضاعة حولين كاملين لمن أراد أن يتمها؛ أما إذا كثر النسل وأصبح الكثرة الكاثرة ؛ دون رعاية أو تربية أو توجيه ؛ فهذا يؤدي إلى فساد المجتمع وانهياره ؛ فعلينا اتباع الأوامر الإلاهية ومراعاة المقاصد الشرعية حتى نحمى أولادنا وأسرنا ومجتمعنا وبلادنا . وهكذا – أيها المسلمون – يراعي الشارع الحكيم الظروف والأحوال والأحكام الاجتماعية؛ ويهدف من ذلك إلى بناء أسرة قويمة سليمة البنيان سعيدة برضا الرحمن. الله أسأل أن يحفظ أولادنا وبناتنا وأهلنا وأسرنا ومجتمعنا من كل مكروه وسوء!! الدعاء،
ساعي البريد- متميز
- عدد المساهمات : 59
نقاط : 173
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/06/2013
صفحة 2 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى