فروع الفقه
صفحة 2 من اصل 1
فروع الفقه
فروع الفقه عدل
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: فروع الفقه
فروع الفقه هي: الأحكام الشرعية الفرعية المتعلقة بأفعال العباد في عباداتهم كطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والعمرة، وغير ذلك. أو في معاملاتهم مثل: أحكام البيوع وغيرها من المعاملات كالإجارة، والرهن، والربا والوقف، والجعالة، والبيع، والمعاوضة الربوية وغيرها. والنكاح وما يتعلق به كالطلاق، والصداق والخلع والظهار والإيلاء، واللعان، والعدة والرضاع والحضانة، والنفقات والعلاقات الأسرية، وأبواب المواريث، والجنايات، والأقضية والشهادات، والأيمان والنذور، والكفارات، والأطعمة والأشربة، وأحكام الصيد والذبائح، والذكاة، ومعاملات أهل الكتاب، وأحكام الجهاد، والسبق والرمي، العتق، ويدخل ضمن ذلك مواضيع أخرى، والعلاقات بين المسلمين بعضهم البعض، وبينهم وبين غيرهم، في السلم والحرب، وغير ذلك. والحكم على تلك الأفعال بأنها واجبة، أو محرمة، أو مندوبة، أو مكروهة، أو مباحة، وأنها صحيحية أو فاسدة، أو غير ذلك؛ بناء على الأدلة التفصيلية الواردة في الكتاب والسنة وسائر الأدلة المعتبرة. وفروع الفقه بالمعنى الاصطلاحي: الأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية، وفق منهج علم أصول الفقه. وتنقسم أنواع العلوم حسب ما ذكره ابن عابدين إلى علوم شرعية وأدبية ورياضية وعقلية، والعلوم الشرعية هي علم التفسير والحديث والفقه والتوحيد.[47] وعلم فروع الفقه هو خلاصة الدراسات الفقهية، ونتائج البحث ويعد علم الفقه من العلوم الشرعية، وواضعه الأئمة المجتهدون، ومسائله كل جملة موضوعها فعل المكلف، ومحمولها أحد الأحكام الخمسة، كقولنا: هذا الفعل واجب، وفضيلته كونه أفضل العلوم سوى الكلام والتفسير والحديث وأصول الفقه، ونسبته لصلاح الظاهر كنسبة العقائد والتصوف لصلاح الباطن.[48]
موضوع فروع الفقه عدل
موضوع علم الفِقْه فعل المكلف ثبوتا أو سلبا من حيث إنه مكلف؛ لأنه يبحث فيه عما يعرض لفعله من حل وحرمة ووجوب وندب. وموضوع كل علم: ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية. في المراحل الأولى من تاريخ الفقه كان موضوع الفقه في الدين يشمل جميع الأحكام الشرعية النظرية والعملية، والأحكام الكلية والجزئية، وأصول الأحكام وفروعها وقواعدها، وأصول الدين (علم العقيدة)، وفروعه، والإيمان والأخلاق والسلوكيات وسائر الأحكام الشرعية العملية والعملية وأصولها وفروعها وبعد ظهور المذاهب الفقهية الكبرى: بدء تحديد موضوع الفقه في مراحل وضع المذاهب الفقهية وتدوينها ودراستها، وقد كان أبو حنيفة يعرف الفقه بأنه: معرفة النفس ما لها وما عليها، وقسم الفقه إلى فقه أصغر وفقه أكبر، وجعل العقيدة موضوع الفقه الأكبر، ثم جاء الشافعي فوضع علم أصول الفقه أي: أنه أول من دونه وجمعه في علم مستقل، وكان علم أصول الفقه مستقلا بموضوعه الذي هو: أصول الفقه، وكان علم الفقه مستقلا بموضوعه الذي هو: فروع الفقه. وبعد تدوين العلوم الشرعية، تميز علم العقائد بموضوعه عن موضوع الدراسات الفقهية، واختص الفقه بموضوعه وهو: الأحكام الشرعية العملية المتعلقة بأفعال المكلّفين، وما يعرض لأفعالهم من حلّ وحرمة، ووجوب، وندب وكراهة وغير ذلك. فيختص موضوع الفِقْه بالأحكام الشرعية العملية، أما العلم بالأحكام الشرعية العلمية؛ فهو موضوع أصول الدين (علم التوحيد)، وهو مستقل بموضوعه عن علم الفقه. وأصول الدين ثابتة يتفق عليها المسلمون، وإنما حصل الخلاف في العقيدة بسبب ظهور الفرق المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة، ولم تظهر مباحث علم التوحيد إلا لهدف الرد على أهل الأهواء والزيغ.[47]
غايته عدل
وغايته أي: ثمرته المترتبة عليه: الفوز بسعادة الدارين: دار الدنيا بنقل نفسه من حضيض الجهل إلى ذروة العلم، وببيان ما للناس وما عليهم لقطع الخصومات ودار الآخرة بالنعم الفاخرة.[49]
استمداده عدل
Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: أدلة الفقه
استمداد علم الفقه أي مأخذه: من الكتاب والسنة والإجماع والقياس. أما أقوال الصحابة فتابعة للسنة، وأما تعامل الناس فتابع للإجماع، وأما التحري واستصحاب الحال فتابعان للقياس، وتفصيل ذلك في كتب الأصول.[47]
علم أصول الفقه عدل
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: أصول الفقه
أصول الفقه مركب من لفظين مفردين بإضافة لفظ: «أصول» إلى لفظ: «الفقه»، ومعنى الأصول باعتباره مفردا هو: "الأدلة الشرعية، التي يعتمد عليها علم الفقه، وتستمد منها أحكامه". وأصول الفقه بمعناه اللقبي،[. 4] هو: العلم بالقواعد التي وضعت للوصول إلی استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.[50] وبعبارة أخری: أصول الفقه هو علم يضع القواعد الأصولية لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلّتها الصحيحة. والصّلة بين الفقه وأصول الفقه أنّ الفقه يعنى بالأدلّة التّفصيليّة لاستنباط الأحكام العمليّة منها، أمّا أصول الفقه فموضوعه الأدلّة التفصيلة من حيث وجوه دلالتها على الأحكام الشّرعيّة. وأدلة الفقه الإجمالية، تعتمد على القرآن والحديث فهما الدليلان الذان تعتمد علهما باقي الأدلة الشرعية، ويليهما الإجماع؛ لأنه يقوم على أساس من الكتاب والسنة، ويليه القياس، ويعتمد على الأحكام الكلية العامة، من الكتاب والسنة، في الاستدلال به على الأحكام الفرعية التي لم يرد بخصوصها نص في الكتاب والسنة، وفق أحكام وقواعد للاستدلال، فهذه الأربعة الأدلة هي الأصول الأساسية المتفق عليها عند جمهور الفقهاء، وما عداها من الأدلة، هي: أصول ثانوية بمعنى: أنها أدلة شرعية يستدل بها المجتهد، عند عدم ظهور الحكم بالأدلة الأربعة، كما أن هذه الأصول الثانوية، مختلف في تفاصيل الاستدلال بها، لا في إنكارها بالكلية، وتشمل: استصحاب الحال، والاستحسان وهو: الحكم بالأحسن عند عدم وجود نص صريح في المسألة، بشرط أن يكون موافقا للشرع، وألا يخالفه، أو هو العدول عن دليل القياس في المسألة عن مثل ما حكم به في نظائرها لوجه أقوى يقتضي هذا العدول عن المجتهد. والمصالح المرسلة: وهي المعاني أو الأمور التي يتم ربط الحكم بها وبناؤه عليها جلب منعفة أو دفع مضرة عن الناس دون أن يوجد نص بخصوص هذا الموضوع، والعرف: وهو ما تعارف عليه الناس وألفوه من قول أو فعل تكرر حتى امتزج بأفعالهم وصارت عقولهم تتلقاه بالقبول، وليس في الشرع مايخالفه. وهناك أدلة أخرى مختلف عليها بين الفقهاء بالإضافة إلى أن ما عدا الإجماع والقياس مختلف أيضاً في حجيتهم. وعمل أهل المدينة عند المالكية. وقول الصحابي.
قواعد الفقه عدل
Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: القواعد الفقهية
القواعد الفقهية هي: الأحكام الكلية للفقة. وهي مستقلة بموضوعها الذي هو: قواعد الفقه الكلية، مثل قاعدة: الأمور بمقاصدها، وقاعدة: لا ضرر ولا ضرار وغيرها. فهو لا يبحث في أصول الفقه ولا في فروع الفقه، بل يجمع محتواهما في أحكام كلية، ترجع إليها الأحكام الفرعية للفقه.
تعلم الفقه عدل
حكم تعلّم الفقه فرض عين على كل مسلم ومسلمة فيما لا بد منه من أساسيات الأحكام في العبادات مثل: كيفيّة الوضوء والصّلاة، والصّوم ونحو ذلك، وفيما يحتاج إليه لصحة معاملاته، وعليه حمل بعضهم الحديث المرويّ: «عن أنس عن النّبيّ Mohamed peace be upon him.svg قال: «طلب العلم فريضة على كلّ مسلم»» فعلى كل مسلم ومسلمة تعلم ما لابد منه من الأحكام. قال ابن عابدين: وحكم الشارع فيه وجوب تحصيل المكلف ما لا بد له منه، فالمطلوب أن يعرف من العلوم ما يعينه على المقصود؛ لأن ما عدا الفقه وسيلة إليه فلا ينبغي أن يصرف عمره في غير الأهم، وما أحسن قول ابن الوردي:
.
والعمر عن تحصيل كل علم يقصر فابدأ منه بالأهم
وذلك الفقه فإن منه ما لا غنى في كل حال عنه
ثمّ ما يجب وجوب عين من ذلك كلّه هو ما يتوقّف أداء الواجب عليه غالباً، دون ما يطرأ نادراً، فإن حدث النّادر وجب التّعلّم حينئذ.
ولا يجب على المكلف تعلم جميع تفاصيل الأحكام، لكن يجب عليه قبل الإقدام على أي عمل أو ممارسة أن يعرف حكم الشرع فيه، فمن باع واشترى مثلا عليه معرفة الحكم قبل الإقدام عليه لئلا يقع في المحظور، وكذلك في سائر المعاملات، فيتعيّن على من يريد شيئاً من ذلك تعلّم أحكامه ليحترز عن الشّبهات والمكروهات، وكذا كلّ أهل الحرف، فكلّ من يمارس عملاً يجب عليه تعلّم الأحكام المتعلّقة به ليمتنع عن الحرام. ويجب أيضا العلم بما يفسد قلبه كالحسد ليجتنه.
وقد يكون تعلّم الفقه فرض كفاية، وهو ما لا بدّ للنّاس منه في إقامة دينهم، بوجود علماء بالفقه في كل بلد. وقد يكون تعلّم الفقه نافلةً، وهو التّبحّر في أصول الأدلّة، والإمعان فيما وراء القدر الّذي يحصل به فرض الكفاية.
وقد فرض الله على الأمة الإسلامية تعلم أحكام الشرع والتفقه في الدين، كما أن من فروض الكفاية أن يتفرغ البعض للتعلم ليعلموا ذويهم وقومهم، قال الله تعالى: Ra bracket.png وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ Aya-122.png La bracket.png قال الطبري: «فقال بعضهم: وهو نفر كان من قوم كانوا بالبادية، بعثهم رسول الله Mohamed peace be upon him.svg يعلمون الناس الإسلام، فلما نزل قوله: ﴿ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله﴾ انصرفوا عن البادية إلى النبي Mohamed peace be upon him.svg خشية أن يكونوا ممن تخلف عنه، وممن عني بالآية، فأنزل الله في ذلك عذرهم بقوله: ﴿وما كان المؤمنون لينفروا كافة..﴾ وكره انصراف جميعهم من البادية إلى المدينة».[51]
فضل الفقه عدل
«عن ابن شهاب قال: قال حميد بن عبد الرحمن: سمعت معاوية خطيبا يقول: سمعت النبي Mohamed peace be upon him.svg يقول: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله».[52]
—صحيح البخاري.[53]
يعد الفقه من أفضل العلوم، وفضله حاصل بنسبته للشرع، فهو من العلوم الشرعية المخصوصة بفضل نسبتها للشرع، فهو علم بأحكام الشرع والحلال والحرام وما لا بد منه من الأحكام، وبه يعلم المسلم حكم عباداته ومعاملاته الصحيح منها والباطل. وفضل الفقه كثير شهير، وفي الحديث: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.».[54] وقد سماه الله خيرا فقال تعالى: ﴿ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا﴾ وقد فسر الحكمة جماعة من علماء التفسير بعلم الفروع الذي هو علم الفقه.[55] وجاء في الخلاصة وغيرها أن النظر في كتب الفقه بالمذاكرة والقراءة من غير سماع أفضل من قيام الليل، وتعلم الفقه أفضل من تعلم باقي القرآن وجميع الفقه لا بد منه. وكونه علم في الحلال والحرام وما لا بد منه من الأحكام كما قيل:
إذا ما اعتز ذو علم بعلم فعلم الفقه أولى باعتزاز
فكم طيب يفوح ولا كمسك وكم طير يطير ولا كباز.
وقيل أيضا:
وخير علوم علم فقه لأنه يكون إلى كل العلوم توسلا.[. 5]
فإن فقيها واحدا متورعا على ألف ذي زهد[. 6] تفضل واعتلى.
قال ابن الوردي:
واحتفل للفقه في الدين ولا تشتغل عنه بمال وخول
وقيل أيضا:[56]
تفقه فإن الفقه أفضل قائد إلى البر والتقوى وأعدل قاصد
وكن مستفيدا كل يوم زيادة من الفقه واسبح في بحور الفوائد
فإن فقيها واحدا متورعا أشد على الشيطان من ألف عابد
والمعنى: أن العابد إذا لم يكن فقيها ربما أدخل عليه الشيطان ما يفسد عبادته، وقيد الفقيه بالمتورع إشارة إلى ثمرة الفقه التي هي التقوى إذ بدونها يكون دون العابد الجاهل حيث استولى عليه الشيطان بالفعل. ويدل على فضل الفقيه على العابد حديث: «عن أبي هريرة عن النبي Mohamed peace be upon him.svg قال: «ما عُبِدَ الله بشيء أفضل من فِقْهٍ في دين، وَلَفَقِيهٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ من ألف عابد، ولكل شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه». فقال أبو هريرة: "لأَن أجلس ساعة فَأَفْقَهَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُحْيِي اللَّيْلَةَ إِلَى الْغَدَاةِ».[57] وفي رواية: «لكل شيء قِوَامٌ، وَقِوَامُ الدِّينِ الْفِقْهُ».[58] [. 7]
فضل التفقه في الدين عدل
وردت آيات وأحاديث في فضل الفقه والحثّ على تحصيله، ومن ذلك قول الله تعالى: Ra bracket.png وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ Aya-122.png La bracket.png، فقد جعل ولاية الإنذار والدّعوة للفقهاء، وهي وظيفة الأنبياء والرسل عليهم السلام.[59] وفي الحديث: «عن ابن شهاب قال قال حميد بن عبد الرحمن سمعت معاوية خطيبا[. 8] يقول: سمعت النبي Mohamed peace be upon him.svg يقول: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله».[60] يدل الحديث على فضل التفقة في الدين، وأن المعطي في الحقيقة هو الله، وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، وأن بعض هذه الأمة يبقى على الحق أبدا حتى تقوم الساعة، وأن الزمان لا يخلو من مجتهد. وفي الحديث إثبات الخير لمن تفقه في دين الله وأن ذلك لا يكون بالاكتساب فقط، بل لمن فتح الله عليه به، وأن من يفتح الله عليه بذلك لا يزال جنسه موجودا حتى يأتي أمر الله.[. 9] والتفقه: تعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع. ومن لم يعرف أمور دينه لا يكون فقيها ولا طالب فقه فيصح أن يوصف بأنه ما أريد به الخير، وفي ذلك بيان ظاهر لفضل العلماء على سائر الناس، ولفضل التفقه في الدين على سائر العلوم. «خيرا» بالتنكير ليشمل القليل والكثير، والتنكير للتعظيم لأن المقام يقتضيه، ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين فقد حرم الخير.[60]
«عن زيد بن ثابت قال سمعت رسول الله Mohamed peace be upon him.svg يقول: نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه».[61] معنى: «نضر الله» جعله ذا نضارة وهي البهاء ومنه قوله تعالى: ﴿وجوه يومئذ ناضرة﴾. قال الخطابي: معناه الدعاء له بالنضارة وهي النعمة والبهجة، يقال: نضره الله ونضره بالتخفيف والتثقيل وأجودهما التخفيف. وقال في النهاية: نضره ونضره وأنضره أي: نعمه ويروى بالتخفيف والتشديد من النضارة، وهي في الأصل حسن الوجه والبريق، وإنما أراد حسن خلقه وقدره. قال السيوطي: قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن جابر: أي: ألبسه نضرة وحسنا وخلوص لون وزينة وجمالا، أو أوصله الله لنضرة الجنة نعيما ونضارة. قال تعالى: ﴿ولقاهم نضرة وسرورا﴾، ﴿تعرف في وجوههم نضرة النعيم﴾. قال سفيان بن عيينة: ما من أحد يطلب حديثا إلا وفي وجهه نضرة، رواه الخطيب.[61] قال القاضي أبو الطيب الطبري: "رأيت النبي Mohamed peace be upon him.svg في النوم فقلت: يا رسول الله، أنت قلت: "نضر الله امرأ.." فذكرته كله ووجهه يستهل، فقال: «نعم أنا قلته».[62]
العلوم الشرعية عدل
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: العلوم الشرعية
يعد الفقه أحد أنواع العلوم الشرعية، وقد كان العلم الشرعي في بداية التاريخ الإسلامي يحمل مصطلحا شاملا لعلم الشرع مطلقا، وبعد تطور العلوم وتدوينها واستقلال بعضها عن بعض أصبحت العلوم الشرعية متميزة عن بعضها بمواضيعها، وهي تتضمن: الإيمانيات وأحكام العقيدة الإسلامية، وتسمى: أصول الدين حيث يتفق عليها المسلمون، ولم يظهر تدوينها إلا بسبب ظهور الفرق المخالفة لمذهب السلف. وعلم التفسير وعلم الحديث وعلم الفقه والعلوم الآلية المساعدة مثل علم أصول الفقه وعلوم اللغة.
فقه الشرع الإسلامي عدل
حث الشرع الإسلامي أمة الإسلام على فقه الشرع الإسلامي مقرونا بالنقل، فالعلم الشرعي هو النقل والفقه معا دون الاقتصار على أحدهما دون الآخر، ونقل الشرع هو أخذ ما شرعه الله على لسان نبيه من أحكام وتحمل ما أتى به الرسول من عند الله وروايته، وفي الحديث: «عن ابن عباس قال: قال رسول الله Mohamed peace be upon him.svg: تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم».[63] دل هذا على أهمية نقل الشرع وروايته واتباع ما جاء في الشرع من نصوص الكتاب والسنة. والفقه هو فهم هذا النقل ووعيه وتدبره وعدم الاخذ بظواهر النصوص في كل الأحوال. والعلم الشرعي لا يكون مقتصرا على النقل فقط، وحامل الفقه قد لا يكون فقيها، بخلاف الفقيه فإنه لا يكون فقيها إلا إذا كان له علم بالنقول الشرعية، ولا يكون مجتهدا إلا بذلك، ومن ثم فإن فقهاء الصحابة والتابعين كلهم علماء بالتفسير والحديث واللغة، وهكذا أئمة الفقه كلهم من علماء التفسير والحديث، كما أن من شروط الفقيه المجتهد في الشرع: أن يكون من علماء الحديث والتفسير، فذلك من أهم شروط الاجتهاد، ويظهر هذا جليا في عمل أئمة الففه حيث جمعوا بين علم الفقه وبين علم التفسير والحديث، فالأئمة الأربعة مثلا كل واحد منهم له مسند في الحديث فأبو حنيفة دون كتاب مسند أبي حنيفة، ومالك دون كتاب الموطأ، والشافعي دون كتاب مسند الشافعي، وأحمد دون كتاب مسند أحمد. ولعلم الفقه علاقة بعلم الحديث رواية ودراية باعتبار أن الحديث نقل ورواية لما جاء في الشرع، وعلم الفقه هو استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها بطريق الاجتهاد، فلا يقصد بالفقه تفسير معاني القرآن والحديث، ولا بيان معانيهما، فمرجع ذلك علم التفسير وعلم الحديث، ومعرفة الأحكام الشرعية التي دلت عليها نصوص الكتاب والسنة دلالة واضحة أو قطعية لا يعد فقها، إذ لا اجتهاد مع النص.
ونقل الشرع لازم لعلم الفقه دون العكس، وقد ورد الحث على فهم واستنباط الأحكام الشرعية، والدعاء لمن سمع الحديث النبوي وفهم ووعاه وبلغه، وحامل العلم قد لا يكون ذا فقه كما يدل عليه حديث: «عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قام رسول الله Mohamed peace be upon him.svg -بالخيف من منى- فقال: نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، ثم أداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأولي الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تكون من ورائهم».[64] وحامل العلم قد لا يكون فقيها، وقد يحمل الفقه إلى من هو أفقه منه، وقد جاء عن ابن مسعود حديث: «عن عبد الرحمن بن يزيد قال: "كان عبد الله بن مسعود يمكث السنة لا يقول قال رسول الله Mohamed peace be upon him.svg، فإذا قال: قال رسول الله Mohamed peace be upon him.svg؛ أخذته الرعدة ويقول أو هكذا أو نحوه أو شبهه، وقال صَلَوَات اللَّه وسلامه عليه: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَء سمع مقالتي، فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه"».[65][66] قال العيني: رب للتقليل لكنه كثر في الاستعمال للتكثير بحيث غلب حتى صارت كأنها حقيقة فيه. و"حامل فقه" أي: علم قد يكون فقيها ولا يكون أفقه فيحفظه ويبلغه "إلى من هو أفقه منه" فيستنبط منه ما لا يفهمه الحامل. "حامل فقه" أي: علم. "ليس بفقيه" لكن يحصل له الثواب لنفعه بالنقل، وفيه دليل على كراهية اختصار الحديث لمن ليس بالمتناهي في الفقه؛ لأنه إذا فعل ذلك فقطع طريق الاستنباط والاستدلال لمعاني الكلام من طريق التفهم، وفي ضمنه وجوب التفقه، والحث على استنباط معاني الحديث، واستخراج المكنون من سره.[. 10][62] وفي صحيح سنن أبي داود، وسنن الترمذي: «عن زيد ابن ثابت، قال: سمعت رسول الله يقول: "نضر الله امرء سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: فروع الفقه
فروع الفقه هي: الأحكام الشرعية الفرعية المتعلقة بأفعال العباد في عباداتهم كطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والعمرة، وغير ذلك. أو في معاملاتهم مثل: أحكام البيوع وغيرها من المعاملات كالإجارة، والرهن، والربا والوقف، والجعالة، والبيع، والمعاوضة الربوية وغيرها. والنكاح وما يتعلق به كالطلاق، والصداق والخلع والظهار والإيلاء، واللعان، والعدة والرضاع والحضانة، والنفقات والعلاقات الأسرية، وأبواب المواريث، والجنايات، والأقضية والشهادات، والأيمان والنذور، والكفارات، والأطعمة والأشربة، وأحكام الصيد والذبائح، والذكاة، ومعاملات أهل الكتاب، وأحكام الجهاد، والسبق والرمي، العتق، ويدخل ضمن ذلك مواضيع أخرى، والعلاقات بين المسلمين بعضهم البعض، وبينهم وبين غيرهم، في السلم والحرب، وغير ذلك. والحكم على تلك الأفعال بأنها واجبة، أو محرمة، أو مندوبة، أو مكروهة، أو مباحة، وأنها صحيحية أو فاسدة، أو غير ذلك؛ بناء على الأدلة التفصيلية الواردة في الكتاب والسنة وسائر الأدلة المعتبرة. وفروع الفقه بالمعنى الاصطلاحي: الأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية، وفق منهج علم أصول الفقه. وتنقسم أنواع العلوم حسب ما ذكره ابن عابدين إلى علوم شرعية وأدبية ورياضية وعقلية، والعلوم الشرعية هي علم التفسير والحديث والفقه والتوحيد.[47] وعلم فروع الفقه هو خلاصة الدراسات الفقهية، ونتائج البحث ويعد علم الفقه من العلوم الشرعية، وواضعه الأئمة المجتهدون، ومسائله كل جملة موضوعها فعل المكلف، ومحمولها أحد الأحكام الخمسة، كقولنا: هذا الفعل واجب، وفضيلته كونه أفضل العلوم سوى الكلام والتفسير والحديث وأصول الفقه، ونسبته لصلاح الظاهر كنسبة العقائد والتصوف لصلاح الباطن.[48]
موضوع فروع الفقه عدل
موضوع علم الفِقْه فعل المكلف ثبوتا أو سلبا من حيث إنه مكلف؛ لأنه يبحث فيه عما يعرض لفعله من حل وحرمة ووجوب وندب. وموضوع كل علم: ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية. في المراحل الأولى من تاريخ الفقه كان موضوع الفقه في الدين يشمل جميع الأحكام الشرعية النظرية والعملية، والأحكام الكلية والجزئية، وأصول الأحكام وفروعها وقواعدها، وأصول الدين (علم العقيدة)، وفروعه، والإيمان والأخلاق والسلوكيات وسائر الأحكام الشرعية العملية والعملية وأصولها وفروعها وبعد ظهور المذاهب الفقهية الكبرى: بدء تحديد موضوع الفقه في مراحل وضع المذاهب الفقهية وتدوينها ودراستها، وقد كان أبو حنيفة يعرف الفقه بأنه: معرفة النفس ما لها وما عليها، وقسم الفقه إلى فقه أصغر وفقه أكبر، وجعل العقيدة موضوع الفقه الأكبر، ثم جاء الشافعي فوضع علم أصول الفقه أي: أنه أول من دونه وجمعه في علم مستقل، وكان علم أصول الفقه مستقلا بموضوعه الذي هو: أصول الفقه، وكان علم الفقه مستقلا بموضوعه الذي هو: فروع الفقه. وبعد تدوين العلوم الشرعية، تميز علم العقائد بموضوعه عن موضوع الدراسات الفقهية، واختص الفقه بموضوعه وهو: الأحكام الشرعية العملية المتعلقة بأفعال المكلّفين، وما يعرض لأفعالهم من حلّ وحرمة، ووجوب، وندب وكراهة وغير ذلك. فيختص موضوع الفِقْه بالأحكام الشرعية العملية، أما العلم بالأحكام الشرعية العلمية؛ فهو موضوع أصول الدين (علم التوحيد)، وهو مستقل بموضوعه عن علم الفقه. وأصول الدين ثابتة يتفق عليها المسلمون، وإنما حصل الخلاف في العقيدة بسبب ظهور الفرق المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة، ولم تظهر مباحث علم التوحيد إلا لهدف الرد على أهل الأهواء والزيغ.[47]
غايته عدل
وغايته أي: ثمرته المترتبة عليه: الفوز بسعادة الدارين: دار الدنيا بنقل نفسه من حضيض الجهل إلى ذروة العلم، وببيان ما للناس وما عليهم لقطع الخصومات ودار الآخرة بالنعم الفاخرة.[49]
استمداده عدل
Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: أدلة الفقه
استمداد علم الفقه أي مأخذه: من الكتاب والسنة والإجماع والقياس. أما أقوال الصحابة فتابعة للسنة، وأما تعامل الناس فتابع للإجماع، وأما التحري واستصحاب الحال فتابعان للقياس، وتفصيل ذلك في كتب الأصول.[47]
علم أصول الفقه عدل
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: أصول الفقه
أصول الفقه مركب من لفظين مفردين بإضافة لفظ: «أصول» إلى لفظ: «الفقه»، ومعنى الأصول باعتباره مفردا هو: "الأدلة الشرعية، التي يعتمد عليها علم الفقه، وتستمد منها أحكامه". وأصول الفقه بمعناه اللقبي،[. 4] هو: العلم بالقواعد التي وضعت للوصول إلی استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.[50] وبعبارة أخری: أصول الفقه هو علم يضع القواعد الأصولية لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلّتها الصحيحة. والصّلة بين الفقه وأصول الفقه أنّ الفقه يعنى بالأدلّة التّفصيليّة لاستنباط الأحكام العمليّة منها، أمّا أصول الفقه فموضوعه الأدلّة التفصيلة من حيث وجوه دلالتها على الأحكام الشّرعيّة. وأدلة الفقه الإجمالية، تعتمد على القرآن والحديث فهما الدليلان الذان تعتمد علهما باقي الأدلة الشرعية، ويليهما الإجماع؛ لأنه يقوم على أساس من الكتاب والسنة، ويليه القياس، ويعتمد على الأحكام الكلية العامة، من الكتاب والسنة، في الاستدلال به على الأحكام الفرعية التي لم يرد بخصوصها نص في الكتاب والسنة، وفق أحكام وقواعد للاستدلال، فهذه الأربعة الأدلة هي الأصول الأساسية المتفق عليها عند جمهور الفقهاء، وما عداها من الأدلة، هي: أصول ثانوية بمعنى: أنها أدلة شرعية يستدل بها المجتهد، عند عدم ظهور الحكم بالأدلة الأربعة، كما أن هذه الأصول الثانوية، مختلف في تفاصيل الاستدلال بها، لا في إنكارها بالكلية، وتشمل: استصحاب الحال، والاستحسان وهو: الحكم بالأحسن عند عدم وجود نص صريح في المسألة، بشرط أن يكون موافقا للشرع، وألا يخالفه، أو هو العدول عن دليل القياس في المسألة عن مثل ما حكم به في نظائرها لوجه أقوى يقتضي هذا العدول عن المجتهد. والمصالح المرسلة: وهي المعاني أو الأمور التي يتم ربط الحكم بها وبناؤه عليها جلب منعفة أو دفع مضرة عن الناس دون أن يوجد نص بخصوص هذا الموضوع، والعرف: وهو ما تعارف عليه الناس وألفوه من قول أو فعل تكرر حتى امتزج بأفعالهم وصارت عقولهم تتلقاه بالقبول، وليس في الشرع مايخالفه. وهناك أدلة أخرى مختلف عليها بين الفقهاء بالإضافة إلى أن ما عدا الإجماع والقياس مختلف أيضاً في حجيتهم. وعمل أهل المدينة عند المالكية. وقول الصحابي.
قواعد الفقه عدل
Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: القواعد الفقهية
القواعد الفقهية هي: الأحكام الكلية للفقة. وهي مستقلة بموضوعها الذي هو: قواعد الفقه الكلية، مثل قاعدة: الأمور بمقاصدها، وقاعدة: لا ضرر ولا ضرار وغيرها. فهو لا يبحث في أصول الفقه ولا في فروع الفقه، بل يجمع محتواهما في أحكام كلية، ترجع إليها الأحكام الفرعية للفقه.
تعلم الفقه عدل
حكم تعلّم الفقه فرض عين على كل مسلم ومسلمة فيما لا بد منه من أساسيات الأحكام في العبادات مثل: كيفيّة الوضوء والصّلاة، والصّوم ونحو ذلك، وفيما يحتاج إليه لصحة معاملاته، وعليه حمل بعضهم الحديث المرويّ: «عن أنس عن النّبيّ Mohamed peace be upon him.svg قال: «طلب العلم فريضة على كلّ مسلم»» فعلى كل مسلم ومسلمة تعلم ما لابد منه من الأحكام. قال ابن عابدين: وحكم الشارع فيه وجوب تحصيل المكلف ما لا بد له منه، فالمطلوب أن يعرف من العلوم ما يعينه على المقصود؛ لأن ما عدا الفقه وسيلة إليه فلا ينبغي أن يصرف عمره في غير الأهم، وما أحسن قول ابن الوردي:
.
والعمر عن تحصيل كل علم يقصر فابدأ منه بالأهم
وذلك الفقه فإن منه ما لا غنى في كل حال عنه
ثمّ ما يجب وجوب عين من ذلك كلّه هو ما يتوقّف أداء الواجب عليه غالباً، دون ما يطرأ نادراً، فإن حدث النّادر وجب التّعلّم حينئذ.
ولا يجب على المكلف تعلم جميع تفاصيل الأحكام، لكن يجب عليه قبل الإقدام على أي عمل أو ممارسة أن يعرف حكم الشرع فيه، فمن باع واشترى مثلا عليه معرفة الحكم قبل الإقدام عليه لئلا يقع في المحظور، وكذلك في سائر المعاملات، فيتعيّن على من يريد شيئاً من ذلك تعلّم أحكامه ليحترز عن الشّبهات والمكروهات، وكذا كلّ أهل الحرف، فكلّ من يمارس عملاً يجب عليه تعلّم الأحكام المتعلّقة به ليمتنع عن الحرام. ويجب أيضا العلم بما يفسد قلبه كالحسد ليجتنه.
وقد يكون تعلّم الفقه فرض كفاية، وهو ما لا بدّ للنّاس منه في إقامة دينهم، بوجود علماء بالفقه في كل بلد. وقد يكون تعلّم الفقه نافلةً، وهو التّبحّر في أصول الأدلّة، والإمعان فيما وراء القدر الّذي يحصل به فرض الكفاية.
وقد فرض الله على الأمة الإسلامية تعلم أحكام الشرع والتفقه في الدين، كما أن من فروض الكفاية أن يتفرغ البعض للتعلم ليعلموا ذويهم وقومهم، قال الله تعالى: Ra bracket.png وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ Aya-122.png La bracket.png قال الطبري: «فقال بعضهم: وهو نفر كان من قوم كانوا بالبادية، بعثهم رسول الله Mohamed peace be upon him.svg يعلمون الناس الإسلام، فلما نزل قوله: ﴿ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله﴾ انصرفوا عن البادية إلى النبي Mohamed peace be upon him.svg خشية أن يكونوا ممن تخلف عنه، وممن عني بالآية، فأنزل الله في ذلك عذرهم بقوله: ﴿وما كان المؤمنون لينفروا كافة..﴾ وكره انصراف جميعهم من البادية إلى المدينة».[51]
فضل الفقه عدل
«عن ابن شهاب قال: قال حميد بن عبد الرحمن: سمعت معاوية خطيبا يقول: سمعت النبي Mohamed peace be upon him.svg يقول: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله».[52]
—صحيح البخاري.[53]
يعد الفقه من أفضل العلوم، وفضله حاصل بنسبته للشرع، فهو من العلوم الشرعية المخصوصة بفضل نسبتها للشرع، فهو علم بأحكام الشرع والحلال والحرام وما لا بد منه من الأحكام، وبه يعلم المسلم حكم عباداته ومعاملاته الصحيح منها والباطل. وفضل الفقه كثير شهير، وفي الحديث: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.».[54] وقد سماه الله خيرا فقال تعالى: ﴿ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا﴾ وقد فسر الحكمة جماعة من علماء التفسير بعلم الفروع الذي هو علم الفقه.[55] وجاء في الخلاصة وغيرها أن النظر في كتب الفقه بالمذاكرة والقراءة من غير سماع أفضل من قيام الليل، وتعلم الفقه أفضل من تعلم باقي القرآن وجميع الفقه لا بد منه. وكونه علم في الحلال والحرام وما لا بد منه من الأحكام كما قيل:
إذا ما اعتز ذو علم بعلم فعلم الفقه أولى باعتزاز
فكم طيب يفوح ولا كمسك وكم طير يطير ولا كباز.
وقيل أيضا:
وخير علوم علم فقه لأنه يكون إلى كل العلوم توسلا.[. 5]
فإن فقيها واحدا متورعا على ألف ذي زهد[. 6] تفضل واعتلى.
قال ابن الوردي:
واحتفل للفقه في الدين ولا تشتغل عنه بمال وخول
وقيل أيضا:[56]
تفقه فإن الفقه أفضل قائد إلى البر والتقوى وأعدل قاصد
وكن مستفيدا كل يوم زيادة من الفقه واسبح في بحور الفوائد
فإن فقيها واحدا متورعا أشد على الشيطان من ألف عابد
والمعنى: أن العابد إذا لم يكن فقيها ربما أدخل عليه الشيطان ما يفسد عبادته، وقيد الفقيه بالمتورع إشارة إلى ثمرة الفقه التي هي التقوى إذ بدونها يكون دون العابد الجاهل حيث استولى عليه الشيطان بالفعل. ويدل على فضل الفقيه على العابد حديث: «عن أبي هريرة عن النبي Mohamed peace be upon him.svg قال: «ما عُبِدَ الله بشيء أفضل من فِقْهٍ في دين، وَلَفَقِيهٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ من ألف عابد، ولكل شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه». فقال أبو هريرة: "لأَن أجلس ساعة فَأَفْقَهَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُحْيِي اللَّيْلَةَ إِلَى الْغَدَاةِ».[57] وفي رواية: «لكل شيء قِوَامٌ، وَقِوَامُ الدِّينِ الْفِقْهُ».[58] [. 7]
فضل التفقه في الدين عدل
وردت آيات وأحاديث في فضل الفقه والحثّ على تحصيله، ومن ذلك قول الله تعالى: Ra bracket.png وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ Aya-122.png La bracket.png، فقد جعل ولاية الإنذار والدّعوة للفقهاء، وهي وظيفة الأنبياء والرسل عليهم السلام.[59] وفي الحديث: «عن ابن شهاب قال قال حميد بن عبد الرحمن سمعت معاوية خطيبا[. 8] يقول: سمعت النبي Mohamed peace be upon him.svg يقول: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله».[60] يدل الحديث على فضل التفقة في الدين، وأن المعطي في الحقيقة هو الله، وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، وأن بعض هذه الأمة يبقى على الحق أبدا حتى تقوم الساعة، وأن الزمان لا يخلو من مجتهد. وفي الحديث إثبات الخير لمن تفقه في دين الله وأن ذلك لا يكون بالاكتساب فقط، بل لمن فتح الله عليه به، وأن من يفتح الله عليه بذلك لا يزال جنسه موجودا حتى يأتي أمر الله.[. 9] والتفقه: تعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع. ومن لم يعرف أمور دينه لا يكون فقيها ولا طالب فقه فيصح أن يوصف بأنه ما أريد به الخير، وفي ذلك بيان ظاهر لفضل العلماء على سائر الناس، ولفضل التفقه في الدين على سائر العلوم. «خيرا» بالتنكير ليشمل القليل والكثير، والتنكير للتعظيم لأن المقام يقتضيه، ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين فقد حرم الخير.[60]
«عن زيد بن ثابت قال سمعت رسول الله Mohamed peace be upon him.svg يقول: نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه».[61] معنى: «نضر الله» جعله ذا نضارة وهي البهاء ومنه قوله تعالى: ﴿وجوه يومئذ ناضرة﴾. قال الخطابي: معناه الدعاء له بالنضارة وهي النعمة والبهجة، يقال: نضره الله ونضره بالتخفيف والتثقيل وأجودهما التخفيف. وقال في النهاية: نضره ونضره وأنضره أي: نعمه ويروى بالتخفيف والتشديد من النضارة، وهي في الأصل حسن الوجه والبريق، وإنما أراد حسن خلقه وقدره. قال السيوطي: قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن جابر: أي: ألبسه نضرة وحسنا وخلوص لون وزينة وجمالا، أو أوصله الله لنضرة الجنة نعيما ونضارة. قال تعالى: ﴿ولقاهم نضرة وسرورا﴾، ﴿تعرف في وجوههم نضرة النعيم﴾. قال سفيان بن عيينة: ما من أحد يطلب حديثا إلا وفي وجهه نضرة، رواه الخطيب.[61] قال القاضي أبو الطيب الطبري: "رأيت النبي Mohamed peace be upon him.svg في النوم فقلت: يا رسول الله، أنت قلت: "نضر الله امرأ.." فذكرته كله ووجهه يستهل، فقال: «نعم أنا قلته».[62]
العلوم الشرعية عدل
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: العلوم الشرعية
يعد الفقه أحد أنواع العلوم الشرعية، وقد كان العلم الشرعي في بداية التاريخ الإسلامي يحمل مصطلحا شاملا لعلم الشرع مطلقا، وبعد تطور العلوم وتدوينها واستقلال بعضها عن بعض أصبحت العلوم الشرعية متميزة عن بعضها بمواضيعها، وهي تتضمن: الإيمانيات وأحكام العقيدة الإسلامية، وتسمى: أصول الدين حيث يتفق عليها المسلمون، ولم يظهر تدوينها إلا بسبب ظهور الفرق المخالفة لمذهب السلف. وعلم التفسير وعلم الحديث وعلم الفقه والعلوم الآلية المساعدة مثل علم أصول الفقه وعلوم اللغة.
فقه الشرع الإسلامي عدل
حث الشرع الإسلامي أمة الإسلام على فقه الشرع الإسلامي مقرونا بالنقل، فالعلم الشرعي هو النقل والفقه معا دون الاقتصار على أحدهما دون الآخر، ونقل الشرع هو أخذ ما شرعه الله على لسان نبيه من أحكام وتحمل ما أتى به الرسول من عند الله وروايته، وفي الحديث: «عن ابن عباس قال: قال رسول الله Mohamed peace be upon him.svg: تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم».[63] دل هذا على أهمية نقل الشرع وروايته واتباع ما جاء في الشرع من نصوص الكتاب والسنة. والفقه هو فهم هذا النقل ووعيه وتدبره وعدم الاخذ بظواهر النصوص في كل الأحوال. والعلم الشرعي لا يكون مقتصرا على النقل فقط، وحامل الفقه قد لا يكون فقيها، بخلاف الفقيه فإنه لا يكون فقيها إلا إذا كان له علم بالنقول الشرعية، ولا يكون مجتهدا إلا بذلك، ومن ثم فإن فقهاء الصحابة والتابعين كلهم علماء بالتفسير والحديث واللغة، وهكذا أئمة الفقه كلهم من علماء التفسير والحديث، كما أن من شروط الفقيه المجتهد في الشرع: أن يكون من علماء الحديث والتفسير، فذلك من أهم شروط الاجتهاد، ويظهر هذا جليا في عمل أئمة الففه حيث جمعوا بين علم الفقه وبين علم التفسير والحديث، فالأئمة الأربعة مثلا كل واحد منهم له مسند في الحديث فأبو حنيفة دون كتاب مسند أبي حنيفة، ومالك دون كتاب الموطأ، والشافعي دون كتاب مسند الشافعي، وأحمد دون كتاب مسند أحمد. ولعلم الفقه علاقة بعلم الحديث رواية ودراية باعتبار أن الحديث نقل ورواية لما جاء في الشرع، وعلم الفقه هو استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها بطريق الاجتهاد، فلا يقصد بالفقه تفسير معاني القرآن والحديث، ولا بيان معانيهما، فمرجع ذلك علم التفسير وعلم الحديث، ومعرفة الأحكام الشرعية التي دلت عليها نصوص الكتاب والسنة دلالة واضحة أو قطعية لا يعد فقها، إذ لا اجتهاد مع النص.
ونقل الشرع لازم لعلم الفقه دون العكس، وقد ورد الحث على فهم واستنباط الأحكام الشرعية، والدعاء لمن سمع الحديث النبوي وفهم ووعاه وبلغه، وحامل العلم قد لا يكون ذا فقه كما يدل عليه حديث: «عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قام رسول الله Mohamed peace be upon him.svg -بالخيف من منى- فقال: نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، ثم أداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأولي الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تكون من ورائهم».[64] وحامل العلم قد لا يكون فقيها، وقد يحمل الفقه إلى من هو أفقه منه، وقد جاء عن ابن مسعود حديث: «عن عبد الرحمن بن يزيد قال: "كان عبد الله بن مسعود يمكث السنة لا يقول قال رسول الله Mohamed peace be upon him.svg، فإذا قال: قال رسول الله Mohamed peace be upon him.svg؛ أخذته الرعدة ويقول أو هكذا أو نحوه أو شبهه، وقال صَلَوَات اللَّه وسلامه عليه: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَء سمع مقالتي، فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه"».[65][66] قال العيني: رب للتقليل لكنه كثر في الاستعمال للتكثير بحيث غلب حتى صارت كأنها حقيقة فيه. و"حامل فقه" أي: علم قد يكون فقيها ولا يكون أفقه فيحفظه ويبلغه "إلى من هو أفقه منه" فيستنبط منه ما لا يفهمه الحامل. "حامل فقه" أي: علم. "ليس بفقيه" لكن يحصل له الثواب لنفعه بالنقل، وفيه دليل على كراهية اختصار الحديث لمن ليس بالمتناهي في الفقه؛ لأنه إذا فعل ذلك فقطع طريق الاستنباط والاستدلال لمعاني الكلام من طريق التفهم، وفي ضمنه وجوب التفقه، والحث على استنباط معاني الحديث، واستخراج المكنون من سره.[. 10][62] وفي صحيح سنن أبي داود، وسنن الترمذي: «عن زيد ابن ثابت، قال: سمعت رسول الله يقول: "نضر الله امرء سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه
مخاوي الليل- مبدع
- عدد المساهمات : 57
نقاط : 165
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/11/2020
صفحة 2 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى