الصلاة ثاني أركان الإسلام
صفحة 2 من اصل 1
الصلاة ثاني أركان الإسلام
الصلاة ثاني أركان الإسلام وحكم تاركها ............... الخطبة الأولى .
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد : اتقوا الله تعالى ، واعلموا أنكم ما خُلقتم عبثا ، ولم تتركوا سُدى خلقكم الله لعبادته ، وأمركم بتوحيده وطاعته : قال تعالى وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُم مّن رّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ . إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ يخبر الله تعالى أنه ما خلق الإنس والجن إلا لعبادته ، وأن هذا هو مقصود خلقهم والحكمة منه وأنه لم يُرِدْ منهم لا رِزقً ولا طعامً فهو الرزّاق ذو القوةِ المتين الذي يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ
واعلموا عباد الله أن من أعظم العبادات عند الله تعالى وأرفعها شأنا ، وأجلّها قدرا بعد صحة العقيدة وسلامة التوحيد إقامة الصلاة يقول في الحديث المتفق عليه بني الإسلام على خمس وثنى بالصلاة بعد الشهادتين فالصلاة هي قِوام هذا الدين ، وعموده المتين قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة . بلغ من شأنها وقدرها وأهميتها أن الله سبحانه وتعالى ، فرضها على رسوله في أشرف مقام وأرفع مكان في السماء السابعة ، ومنه سبحانه وتعالى مباشرة من دون وسيط ، وذلك ليلة الإسراء والمعراج ، هي أول ما فُرِض وهي آخر ما أوصى به النبي أمته وهو على فراش الموت منادياً الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ، فرضت على كل مسلم مكلف الذكر والأنثى ، والغني والفقير ، والصحيح والمريض ، والمسافر والمقيم فرضت في الأمن والخوف وفي السلم والحرب ، لا تسقط حتى في أحرج الظروف وأشد المواقف لا تسقط بمرضٍ ولا بكِبَر سِنّ بل حتّى عند العجز الكامل عن أداء شروطِها وأركانِها لا تسقط الصلاة ما دام العقل حاضرًا فلابدّ من الصلاة حتى في حالات الفزع والقتال قال الله تعالى حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ . فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا هي أكثر الفرائض ذكراً في القرآن ، وإذا ذكرت مع سائر الفرائض قدمت عليها ، لا يقبل الله من تاركها صوماً ولا حجاً ولا صدقةً ولا جهاداً ولا أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر ولا أي عملٍ من الأعمال حتى يؤديها هي فواتح الخير وخواتمه . هي نورٌ في الوجه وهدايةٌ للقلب وصلاحٌ للبدن والروح ، يقولبَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِى الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، بها تَكفَّر السيئات وترفَع الدرجات وتضاعَف الحسنات ، قال تعالى وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذاكِرِينَ وصح عنه أنه قال أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ » قَالُوا لاَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ ،قَالَ، فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا وأنه قال مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاَةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ ، مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً ، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ ، ويقول صَلاَةٌ فِى أَثَرِ صَلاَةٍ لاَ لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِى عِلِّيِّينَ»والصلاة عباد الله صلة بين العَبْدِ و رَبِّهِ، يقول إنَّ أحدَكم إِذَا كَانَ فِى الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِى رَبَّهُ ) هيصلةٌ ولقاءٌ وتعبّد ووفاء بين العبد في الأرض والرب في السماء ، هي المعين الذي لا ينضب والزاد الذي لا ينفد هي كالرأس من الجسد ، فكما أنه لا حياة لمن لا رأس له ، فكذلك لا دين لمن لا صلاة له ، هي الفارق بين الكفر والإسلام والشرك والإيمان هي الدالّةٌ على وجودِ الإيمانِ في القلب ، وتركُها والعياذُ بالله دليل على خلوِّ القلب من الإيمان، وقد حكم الله و رسوله أن ترك الصلاة كفرٌ ورِدّة ، وجحود وخروج عن الملة، وعلى هذا إتفاق علماء الأمة فيمن ترك الصلاة جحودا ونكران لها . وأما من تركها بالكلية تهاوناً وكسلاً ، فإنه كافرٌ على الصحيح من أقوال العلماء التي تأيده الأدلة من الكتاب والسنة ، فالله تعالى يبين لنا أن ترك الصلاة من خصائص الكفار وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ وقال تعالى فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي ٱلدّينِ والأخوة الدينية لا تنتفي بالمعاصي وإن عظمت ولكن تنتفي بالخروج عن الإسلام وأخبر الله تعالى أن صفة المنافقين أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَاءونَ ٱلنَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً فكيف بمن لا ينهض إلى الصلاة أبداً؟ كيف بمن لا يصلي أصلاً؟ كيف بمن ترك الصلوات كلها وعاش عمره لم يركع لله ركعة ولا سجد لله سجدة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد وغيره الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ . وقال صلى الله عليه وسلم إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاَةِ رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ إِلا تَرْكُ الصَّلاةِ وكان أصحاب رسول اللهيرون ترك الصلاة كفر قَالَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : لاَ حَظَّ فِى الإِسْلاَمِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاَةَ وَقَالَ عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ:مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَهُوَ كَافِرٌ وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلاَ دِينَ لَهُ . وعن ابن عباس مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ فَقَدْ كَفَرَ هذهعباد الله بعض نصوص القرآن والسنة وما نقله الأئمة الحفاظ وأهل العلم وأصحاب الأثر من أقوال الصحابة والتابعين وفقهاء الحديث في شأن تارك الصلاة واعلموا عباد الله أن معنى ترك الصلاة وإضاعتها ، ليس كما يظن كثير من الناس هو عدم الصلاة فقط فهذا مفهوم باطل ، فتأخير الصلاة عن وقتها هو ترك لها ، فمن صلى الفجر بعد طلوع الشمس فهو مضيع للصلاة وتارك لها وكذلك باقي الأوقات من أخرها عن وقتها فهو مضيع لها ، هذا هو معنى ترك الصلاة كما قال ابن عباس في تفسيره لقوله تعالى فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَـوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوٰتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيًّا وكذلك قال أهل العلم في قوله تعالى فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ . ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ أنه إضاعة وقت الصلاة . من هنا ندرك جيدًا أن الذي يخرج الصلاة عن وقتها ، لم يقم الصلاة كما أمر الله لأن إقام الصلاة معناه أداؤها في وقتها بأركانها وواجباتها فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على هذا الركن العظيم ، جعلني الله وإياكم من المحافظين عليها المؤدين لها في أوقاتها في بيوت الله مع الجماعة . ................
وبارك الله لي ولكم في القرءان العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الأيات والذكر الحكيم ....... ..................... الخطبة الثانية . .................................
الحمد لله الذي جعل لكل شيء عمادًا، وجعل الصلاة لنا ذخرًا وزادًا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شركاء له ولا أندادًا وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، أكمل الأمة إيمانًا وصلاة وأعظمها عبادة وجهادًا، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه إلى يوم يبعث الناس زرافات وأفرادًا .
أما بعد عباد الله ، كلنا يعلم ما للصلاة من مكانة عظيمة في هذا الدين فهي عموده وثاني أركانه بعد الشهادتين، وآخر وصية لرسول الله قبل موته، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة ، ومن أجل هذه المكانة العظيمة السامية الرفيعة العالية للصلاة ثاني أركان الإسلام وكما جعلها الله تعالى راحة وسكينة وبركة ، لمؤديها والحريص عليها وقرة عين لنبيه وللصالحين من عباده ؛ فإنه جعل عقوبة تاركها والمفرط فيها ، غم وتعب وضنك ، وعذاب شديد في الدنيا و الآخرة تكون حياة المعرض عن الصلاة في الدنيا حياة نكد واضطراب وإن كان من أغنى الناس يقول سبحانه وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَة ِأَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ويقول تعالى إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا . إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا. وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا. إِلا الْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ إلى قوله وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات أن الناس الذين لا يحافظون على الصلاة ، هم في كل الأحوال ضائعون ، ففي حال الشر جزع وخور وتذمر وفي حال الخير منع وغفلة وطغيان حياة لا طمأنينة فيها ولا بركة ؛ لأن البركة والتوفيق وغيرها من أمور الخير والعطايا الإلهية لا تباع في الأسواق ، ولا تجلبها الأموال مهما كثرت ، وإنما يمنحها الله لمن يشاء من عباده وتارك الصلاة والمتهاون فيها ، الصلة بينه وبين الله مقطوعة ، فأنَّى له أن يتمتع بهذه العطايا والمنح الإلهية . هذا شأن تارك الصلاة في الدنيا عباد الله أما بعد موته فإنه يُعذَّب في قبره حتى يبعث يوم القيامة ، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري عن الرؤيا التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صلى الله عليه وسلم وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَاهُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى ، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا سُبْحَانَ اللهِ ، مَا هَذَانِ؟ فقيل له : إِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ) فانظروا إلى هذا العذاب الشديد الذي يلقاه تارك الصلاة والمفرط فيها من أول ما يوضع في قبره حتى يبعث يوم القيامة ، و يوم القيامة يكون تركه للصلاة أول أسباب دخوله للنار قال تعالى مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وعندما يدعى الناس إلى السجود لله سبحانه يوم القيامة ، يمنع تارك الصلاة من السجود يقول تعالى يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ يسجد الصالحون الذين صلوا لله في الحياة الدنيا فيحاول تارك الصلاة أن يسجد معهم ، ولكن لا يستطيع ، فالجزاء من جنس العمل ، كما رفض السجود بين يدي الله في الدنيا مع صحته وسلامته ، عوقب بعدم قدرته عليها في الآخرة " وكذلك عباد الله من العذاب الذي يلقاه تارك الصلاة ، ما ورد في قوله تعالى فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ، وقوله سبحانه فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ والغي هو الخسران المبين كما أنه اسم لواد في جهنم أعاذنا الله منه ومنها ؛ يقول القرطبي في جامع أحكام القرآن والأظهر أن الغي اسم للوادي سمي به لأن الغاوين يصيرون إليه" وعن كعب قال" غي واد في جهنم أبعدها قعرا وأشدها حرا ، فيه بئر يسمى البهيم ، كلما خبت جهنم فتح الله تعالى تلك البئر تتسعر بها جهنم " وقال ابن عباس ( الغي واد في جهنم، وإن أودية جهنم لتستعيذ من حره ) وأما الويل عباد الله فمعناه المشقة في العذاب وقيل:إنه واد في جهنم بين جبلين يهوي فيه الهاوي أربعين خريفا وقيل:إنه واد يجري بفناء جهنم من صديد أهل النار. إنه والله وعيد عظيم وتهديد شديد لمن كان له عقل يعقل أو قلب يفقه ، فترك الصلاة عباد الله ليس بالأمر الهين كما قد يعتبره بعض الناس ، ترك الصلاة جرم كبير ومنكر خطير قد يؤدي والعياذ بالله إلى الردة عن الدين والخروج من الإسلام واللحوق بالمشركين،فتارك الصلاة قد هدم عمود الإسلام وجحد نعمة الله عليه، اللهالذي أنعم عليه بنعمة الإسلام وبنور الإيمان وجعل له فؤادا وعقلا ، وأعطاه صحة وقوة وسمعا وبصرا، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة تكريما وتشريفا ، وهو يرفض أن يركع له ويسجد ، فاتقوا الله عباد الله واحرصوا على هذه الفريضة ، ولا تفرّطوا فيها مهما كانت الظروف ، فقد سمعتم ما أعد الله للمفرط في هذه الفريضة من عذاب وإهانة ، ويكفي تارك الصلاة عقوبةً لو تَفكّر وتدبر أنه بتركه للصلاة محروم من الوقوف بين يدي الله، محروم من الدخول عليه ومناجاته ، محروم من الانطراح بين يديه وتسليم أمره إليه ، وهذه العقوبة تكفي لمن تدبر واعتبر ، ثم كيف بالله عليكم يهنأ عيش من هذا حاله ؟ وكيف يغتر بهذه الحياة القصيرة من هذا مصيره واعلموا عباد الله أن إخوانكم وأهاليكم وأبنائكم لهم حق عليكم فخذوا بأيديهم بالنصيحة والتعليم والإرشاد والتوجيه في أمر الصلاة ، يقول سبحانه وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى وقالمُروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر) واعلموا أن الله سائلكم عنهم يوم القيامة . قالفي الحديث التفق عليه: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فاتقوا الله عباد الله في أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ وأولادكم، يقول تعالى يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَـئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد : اتقوا الله تعالى ، واعلموا أنكم ما خُلقتم عبثا ، ولم تتركوا سُدى خلقكم الله لعبادته ، وأمركم بتوحيده وطاعته : قال تعالى وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُم مّن رّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ . إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ يخبر الله تعالى أنه ما خلق الإنس والجن إلا لعبادته ، وأن هذا هو مقصود خلقهم والحكمة منه وأنه لم يُرِدْ منهم لا رِزقً ولا طعامً فهو الرزّاق ذو القوةِ المتين الذي يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ
واعلموا عباد الله أن من أعظم العبادات عند الله تعالى وأرفعها شأنا ، وأجلّها قدرا بعد صحة العقيدة وسلامة التوحيد إقامة الصلاة يقول في الحديث المتفق عليه بني الإسلام على خمس وثنى بالصلاة بعد الشهادتين فالصلاة هي قِوام هذا الدين ، وعموده المتين قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة . بلغ من شأنها وقدرها وأهميتها أن الله سبحانه وتعالى ، فرضها على رسوله في أشرف مقام وأرفع مكان في السماء السابعة ، ومنه سبحانه وتعالى مباشرة من دون وسيط ، وذلك ليلة الإسراء والمعراج ، هي أول ما فُرِض وهي آخر ما أوصى به النبي أمته وهو على فراش الموت منادياً الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ، فرضت على كل مسلم مكلف الذكر والأنثى ، والغني والفقير ، والصحيح والمريض ، والمسافر والمقيم فرضت في الأمن والخوف وفي السلم والحرب ، لا تسقط حتى في أحرج الظروف وأشد المواقف لا تسقط بمرضٍ ولا بكِبَر سِنّ بل حتّى عند العجز الكامل عن أداء شروطِها وأركانِها لا تسقط الصلاة ما دام العقل حاضرًا فلابدّ من الصلاة حتى في حالات الفزع والقتال قال الله تعالى حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ . فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا هي أكثر الفرائض ذكراً في القرآن ، وإذا ذكرت مع سائر الفرائض قدمت عليها ، لا يقبل الله من تاركها صوماً ولا حجاً ولا صدقةً ولا جهاداً ولا أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر ولا أي عملٍ من الأعمال حتى يؤديها هي فواتح الخير وخواتمه . هي نورٌ في الوجه وهدايةٌ للقلب وصلاحٌ للبدن والروح ، يقولبَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِى الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، بها تَكفَّر السيئات وترفَع الدرجات وتضاعَف الحسنات ، قال تعالى وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذاكِرِينَ وصح عنه أنه قال أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ » قَالُوا لاَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ ،قَالَ، فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا وأنه قال مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاَةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ ، مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً ، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ ، ويقول صَلاَةٌ فِى أَثَرِ صَلاَةٍ لاَ لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِى عِلِّيِّينَ»والصلاة عباد الله صلة بين العَبْدِ و رَبِّهِ، يقول إنَّ أحدَكم إِذَا كَانَ فِى الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِى رَبَّهُ ) هيصلةٌ ولقاءٌ وتعبّد ووفاء بين العبد في الأرض والرب في السماء ، هي المعين الذي لا ينضب والزاد الذي لا ينفد هي كالرأس من الجسد ، فكما أنه لا حياة لمن لا رأس له ، فكذلك لا دين لمن لا صلاة له ، هي الفارق بين الكفر والإسلام والشرك والإيمان هي الدالّةٌ على وجودِ الإيمانِ في القلب ، وتركُها والعياذُ بالله دليل على خلوِّ القلب من الإيمان، وقد حكم الله و رسوله أن ترك الصلاة كفرٌ ورِدّة ، وجحود وخروج عن الملة، وعلى هذا إتفاق علماء الأمة فيمن ترك الصلاة جحودا ونكران لها . وأما من تركها بالكلية تهاوناً وكسلاً ، فإنه كافرٌ على الصحيح من أقوال العلماء التي تأيده الأدلة من الكتاب والسنة ، فالله تعالى يبين لنا أن ترك الصلاة من خصائص الكفار وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ وقال تعالى فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي ٱلدّينِ والأخوة الدينية لا تنتفي بالمعاصي وإن عظمت ولكن تنتفي بالخروج عن الإسلام وأخبر الله تعالى أن صفة المنافقين أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَاءونَ ٱلنَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً فكيف بمن لا ينهض إلى الصلاة أبداً؟ كيف بمن لا يصلي أصلاً؟ كيف بمن ترك الصلوات كلها وعاش عمره لم يركع لله ركعة ولا سجد لله سجدة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد وغيره الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ . وقال صلى الله عليه وسلم إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاَةِ رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ إِلا تَرْكُ الصَّلاةِ وكان أصحاب رسول اللهيرون ترك الصلاة كفر قَالَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : لاَ حَظَّ فِى الإِسْلاَمِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاَةَ وَقَالَ عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ:مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَهُوَ كَافِرٌ وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلاَ دِينَ لَهُ . وعن ابن عباس مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ فَقَدْ كَفَرَ هذهعباد الله بعض نصوص القرآن والسنة وما نقله الأئمة الحفاظ وأهل العلم وأصحاب الأثر من أقوال الصحابة والتابعين وفقهاء الحديث في شأن تارك الصلاة واعلموا عباد الله أن معنى ترك الصلاة وإضاعتها ، ليس كما يظن كثير من الناس هو عدم الصلاة فقط فهذا مفهوم باطل ، فتأخير الصلاة عن وقتها هو ترك لها ، فمن صلى الفجر بعد طلوع الشمس فهو مضيع للصلاة وتارك لها وكذلك باقي الأوقات من أخرها عن وقتها فهو مضيع لها ، هذا هو معنى ترك الصلاة كما قال ابن عباس في تفسيره لقوله تعالى فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَـوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوٰتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيًّا وكذلك قال أهل العلم في قوله تعالى فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ . ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ أنه إضاعة وقت الصلاة . من هنا ندرك جيدًا أن الذي يخرج الصلاة عن وقتها ، لم يقم الصلاة كما أمر الله لأن إقام الصلاة معناه أداؤها في وقتها بأركانها وواجباتها فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على هذا الركن العظيم ، جعلني الله وإياكم من المحافظين عليها المؤدين لها في أوقاتها في بيوت الله مع الجماعة . ................
وبارك الله لي ولكم في القرءان العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الأيات والذكر الحكيم ....... ..................... الخطبة الثانية . .................................
الحمد لله الذي جعل لكل شيء عمادًا، وجعل الصلاة لنا ذخرًا وزادًا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شركاء له ولا أندادًا وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، أكمل الأمة إيمانًا وصلاة وأعظمها عبادة وجهادًا، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه إلى يوم يبعث الناس زرافات وأفرادًا .
أما بعد عباد الله ، كلنا يعلم ما للصلاة من مكانة عظيمة في هذا الدين فهي عموده وثاني أركانه بعد الشهادتين، وآخر وصية لرسول الله قبل موته، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة ، ومن أجل هذه المكانة العظيمة السامية الرفيعة العالية للصلاة ثاني أركان الإسلام وكما جعلها الله تعالى راحة وسكينة وبركة ، لمؤديها والحريص عليها وقرة عين لنبيه وللصالحين من عباده ؛ فإنه جعل عقوبة تاركها والمفرط فيها ، غم وتعب وضنك ، وعذاب شديد في الدنيا و الآخرة تكون حياة المعرض عن الصلاة في الدنيا حياة نكد واضطراب وإن كان من أغنى الناس يقول سبحانه وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَة ِأَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ويقول تعالى إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا . إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا. وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا. إِلا الْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ إلى قوله وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات أن الناس الذين لا يحافظون على الصلاة ، هم في كل الأحوال ضائعون ، ففي حال الشر جزع وخور وتذمر وفي حال الخير منع وغفلة وطغيان حياة لا طمأنينة فيها ولا بركة ؛ لأن البركة والتوفيق وغيرها من أمور الخير والعطايا الإلهية لا تباع في الأسواق ، ولا تجلبها الأموال مهما كثرت ، وإنما يمنحها الله لمن يشاء من عباده وتارك الصلاة والمتهاون فيها ، الصلة بينه وبين الله مقطوعة ، فأنَّى له أن يتمتع بهذه العطايا والمنح الإلهية . هذا شأن تارك الصلاة في الدنيا عباد الله أما بعد موته فإنه يُعذَّب في قبره حتى يبعث يوم القيامة ، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري عن الرؤيا التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صلى الله عليه وسلم وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَاهُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى ، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا سُبْحَانَ اللهِ ، مَا هَذَانِ؟ فقيل له : إِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ) فانظروا إلى هذا العذاب الشديد الذي يلقاه تارك الصلاة والمفرط فيها من أول ما يوضع في قبره حتى يبعث يوم القيامة ، و يوم القيامة يكون تركه للصلاة أول أسباب دخوله للنار قال تعالى مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وعندما يدعى الناس إلى السجود لله سبحانه يوم القيامة ، يمنع تارك الصلاة من السجود يقول تعالى يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ يسجد الصالحون الذين صلوا لله في الحياة الدنيا فيحاول تارك الصلاة أن يسجد معهم ، ولكن لا يستطيع ، فالجزاء من جنس العمل ، كما رفض السجود بين يدي الله في الدنيا مع صحته وسلامته ، عوقب بعدم قدرته عليها في الآخرة " وكذلك عباد الله من العذاب الذي يلقاه تارك الصلاة ، ما ورد في قوله تعالى فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ، وقوله سبحانه فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ والغي هو الخسران المبين كما أنه اسم لواد في جهنم أعاذنا الله منه ومنها ؛ يقول القرطبي في جامع أحكام القرآن والأظهر أن الغي اسم للوادي سمي به لأن الغاوين يصيرون إليه" وعن كعب قال" غي واد في جهنم أبعدها قعرا وأشدها حرا ، فيه بئر يسمى البهيم ، كلما خبت جهنم فتح الله تعالى تلك البئر تتسعر بها جهنم " وقال ابن عباس ( الغي واد في جهنم، وإن أودية جهنم لتستعيذ من حره ) وأما الويل عباد الله فمعناه المشقة في العذاب وقيل:إنه واد في جهنم بين جبلين يهوي فيه الهاوي أربعين خريفا وقيل:إنه واد يجري بفناء جهنم من صديد أهل النار. إنه والله وعيد عظيم وتهديد شديد لمن كان له عقل يعقل أو قلب يفقه ، فترك الصلاة عباد الله ليس بالأمر الهين كما قد يعتبره بعض الناس ، ترك الصلاة جرم كبير ومنكر خطير قد يؤدي والعياذ بالله إلى الردة عن الدين والخروج من الإسلام واللحوق بالمشركين،فتارك الصلاة قد هدم عمود الإسلام وجحد نعمة الله عليه، اللهالذي أنعم عليه بنعمة الإسلام وبنور الإيمان وجعل له فؤادا وعقلا ، وأعطاه صحة وقوة وسمعا وبصرا، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة تكريما وتشريفا ، وهو يرفض أن يركع له ويسجد ، فاتقوا الله عباد الله واحرصوا على هذه الفريضة ، ولا تفرّطوا فيها مهما كانت الظروف ، فقد سمعتم ما أعد الله للمفرط في هذه الفريضة من عذاب وإهانة ، ويكفي تارك الصلاة عقوبةً لو تَفكّر وتدبر أنه بتركه للصلاة محروم من الوقوف بين يدي الله، محروم من الدخول عليه ومناجاته ، محروم من الانطراح بين يديه وتسليم أمره إليه ، وهذه العقوبة تكفي لمن تدبر واعتبر ، ثم كيف بالله عليكم يهنأ عيش من هذا حاله ؟ وكيف يغتر بهذه الحياة القصيرة من هذا مصيره واعلموا عباد الله أن إخوانكم وأهاليكم وأبنائكم لهم حق عليكم فخذوا بأيديهم بالنصيحة والتعليم والإرشاد والتوجيه في أمر الصلاة ، يقول سبحانه وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى وقالمُروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر) واعلموا أن الله سائلكم عنهم يوم القيامة . قالفي الحديث التفق عليه: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فاتقوا الله عباد الله في أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ وأولادكم، يقول تعالى يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَـئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
ساعي البريد- متميز
- عدد المساهمات : 59
نقاط : 173
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/06/2013
صفحة 2 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى